وأدّت المخطّطات الرهيبة التي صمّمها الطاغية إلى نجاحه في الميادين السياسية وتغلّبه على الأحداث ، فبعد أنْ كانت الكوفة تحت قبضة مسلم انقلبت عليه رأساً على عقب ، فزجّ بها الماكر الخبيث إلى حرب مسلم والقضاء عليه ، ومِنْ بين هذه المخططات :
وأوّل بادرة سلكها ابن زياد هي التجسس على مسلم ومعرفة جميع نشاطاته السياسية ، والوقوف على نقاط القوّة والضعف عنده ، وقد اختار للقيام بهذه المهمّة مولاه معقلاً ، وكان مِنْ صنائعه وتربّى في كنفه ودرس طباعه ووثق بإخلاصه وكان فطناً ذكياً ، فأعطاه ثلاثة آلاف درهم وأمره أنْ يتّصل بالشيعة ، ويعرّفهم أنّه مِنْ أهل الشام ، وأنّه مولى لذي الكلاع الحميري.
وكانت الصبغة السائدة على الموالي هي الإخلاص لأهل البيت (عليهم السّلام) ؛ ولذا أمره بالانتساب إلى الموالي حتّى ينفي الشك والرّيب عنه ، وقال له : إنّه إذا التقى بهم فليعرّفهم بأنّه ممّن أنعم الله عليه بحبّ أهل البيت (عليهم السّلام) ، وقد بلغه قدوم رجل إلى الكوفة يدعو للإمام الحُسين وعنده مال يريد أنْ يلقاه ليوصله إليه حتّى يستعين به على حرب عدوه.
ومضى معقل في مهمّته فدخل الجامع وجعل يفحص ويسأل عمّن له معرفة بمسلم فأُرشد إلى مسلم بن عوسجة ، فانبرى إليه وهو يُظهر الإخلاص والولاء للعترة الطاهرة ، قائلاً له : إنّي أتيتك لتقبض منّي هذا المال وتدلّني على صاحبك لأُبايعه ،