وتطويق داره ، فإنّ ذلك ليس بالأمر الممكن ، وقد اتّفق رأيهم على خديعته بإرسال وفد إليه مِنْ قبل السلطة يعرض عليه رغبة ابن زياد في زيارته ، فإذا وقع تحت قبضته فقد تمّ كلّ شيء ، ويكون تشتيت أتباعه ليس بالأمر العسير ، وشكّلوا وفداً لدعوته ، وهم :
١ ـ حسّان بن أسماء بن خارجة زعيم فزارة.
٢ ـ محمّد بن الأشعث زعيم كندة.
٣ ـ عمرو بن الحجّاج.
ولمْ يكن لحسّان بن أسماء علم بالمؤامرة التي دبّرت ضد هانئ ، وإنّما كان يعلم بها محمّد بن الأشعث وعمرو بن الحجّاج ، وقد أمرهم ابن زياد أنْ يحملوا له عواطفه ورغبته الملحّة في زيارته ، ويعملوا جاهدين على إقناعه.
وأسرع الوفد إلى هانئ عشيّة فوجدوه جالساً على باب داره ، فسلّموا عليه وقالوا له : ما يمنعك مِنْ لقاء الأمير فإنّه قد ذكرك وقال : لو أعلم أنّه شاكٍ لعدته؟
فقال لهم : الشكوى تمنعني.
وأبطلوا هذا الزعم ، وقالوا له : إنّه قد بلغه أنّك تجلس كلّ عشيّة على باب دارك وقد استبطأك ، والإبطاء والجفاء لا يحتمله السلطان ، أقسمنا عليك لما ركبت معنا. وأخذوا يلحّون عليه في زيارته فاستجاب لهم على كرهٍ ، فدعا بثيابه