أحروري أحللت بنفسك وحلّ لنا قتلك؟
وأمر ابن زياد باعتقاله في أحد بيوت القصر (١) ، واندفع حسّان بن أسماء بن خارجة وكان ممّن أمّن هانئاً وجاء به إلى ابن زياد ، وقد خاف مِنْ سطوة عشيرته ونقمتها عليه ، فأنكر عليه ما فعله بهانئ قائلاً : أرسله يا غادر! أمرتنا أنْ نجيئك بالرجل فلمّا أتيناك به هشمت وجهه وسيلت دماءه وزعمت أنّك تقتله؟!
وغضب منه ابن زياد فأوعز إلى شرطته بتأديبه ، فلهز وتعتع ثمّ ترك. وأمّا ابن الأشعث المتملّق الحقير فجعل يحرّك رأسه ، ويقول ليسمع الطاغية : قد رضينا بما رأى الأمير لنا كان أم علينا ، إنّما الأمير مؤدب (٢).
ولا يهمّ ابن الأشعث ما اقترفه الطاغية مِنْ جريمة في سبيل تأمين مصالحه ورغباته.
وانتهى خبر هانئ إلى اُسرته فاندفعت بتثاقل كالحشرات ، فقاد جموعها الانتهازي الجبان عمرو بن الحجّاج الذي لا عهد له بالشرف والمروءة ، فأقبل ومعه مذحج وهو يرفع عقيرته لتسمع السلطة مقالتهم قائلاً : أنا عمرو بن الحجّاج وهذه فرسان مذحج ووجوهها لمْ نخلع طاعة ولمْ نفارق جماعة.
وحفل كلامه بالخنوع والمسالمة للسلطة وليس فيه اندفاع لإنقاذ هانئ ؛ ولذا لمْ يحفل به ابن زياد ، فالتفت إلى شريح القاضي فقال له : ادخل على
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧١.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧١.