الحذر الحذر ، هذا مسلم بن عقيل قد أقبل في جميع مَنْ بايعه.
واختطف الرعب لونه وسرت الرعدة بجميع أوصاله ، فأسرع الجبان نحو القصر وهو يلهث مِنْ شدّة الخوف فدخل القصر وأغلق عليه أبوابه (١) ، وامتلأ المسجد والسوق مِن أصحاب مسلم وضاقت الدنيا على ابن زياد وأيقن بالهلاك ؛ إذ لمْ تكن عنده قوّة تحميه سوى ثلاثين رجلاً مِن الشرطة وعشرين رجلاً مِن الأشراف الذين هم مِنْ عملائه (٢).
وقد تزايد جيش مسلم حتّى بلغ فيما يقول بعض المؤرّخون ثمانية عشر ألفاً وقد نشروا الأعلام وشهروا السيوف ، وقد ارتفعت أصواتهم بقذف ابن زياد وشتمه وجرى بين اتباع ابن زياد وبين جيش مسلم قتال شديد ، كما نصّ على ذلك بعض المؤرّخين.
وأمعن الطاغية في أقرب الوسائل التي تمكّنه مِنْ إنقاذ حكومته مِن الثورة ، فرأى أنْ لا طريق له سوى حرب الأعصاب ودعايات الإرهاب فسلك ذلك.
وأوعز الطاغية إلى جماعة مِنْ وجوه أهل الكوفة أنْ يبادروا ببث الذعر ونشر الخوف بين الناس ، وقد انتدب للقيام بهذه المهمّة الذوات التالية :
١ ـ كثير بين شهاب الحارثي.
__________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١٥٤ ، الفتوح ٥ / ٨٥.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧١.