التمرّد على بني اُميّة ولبسوا ثياب الذلّ والعبودية ؛ مِنْ جراء ذلك الإرهاب الهائل والقسوة في الحكم ، فكانت الدماء تنرقرق بين العمائم واللحى.
ومُنِيَ جيش مسلم بهزيمة مخزية لمْ يحدث لها نظير في جميع فترات التاريخ ، فقد هزمته الدعايات المضلّلة مِنْ دون أنْ تكون في قباله أيّة قوّة عسكرية.
ويقول المؤرّخون : إنّ مسلماً كلّما انتهى إلى زقاق انسلّ جماعة مِنْ أصحابه وفرّوا منهزمين ، وهم يقولون : ما لنا والدخول بين السلاطين؟! (١).
ولمْ يمضِ قليل مِن الوقت حتّى انهزم معظمهم ، وقد صلّى بجماعة منهم صلاة العشاء في الجامع الأعظم فكانوا يفرّون في أثناء الصلاة ، وما أنهى ابن عقيل صلاته حتّى انهزموا بأجمعهم بما فيهم قادة جيشه ، ولمْ يجد أحداً يدلّه على الطريق ، وبقي حيراناً لا يدري إلى أين مسراه ومولجه (٢) ، وكان قد اُثخن بالجراح فيما يقوله بعض المؤرّخين (٣) ، وقد أمسى طريداً مشرّداً لا مأوى يأوي إليه ، ولا قلب يعطف عليه.
__________________
(١) الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء ١ / ١٠٨.
(٢) مقامات الحريري ١ / ١٩٢.
(٣) الفتوح ٥ / ٨٧.