إلى بيت هانئ فأجاره هانئ ، وقال له : ابن زياد يدخل داري فاضربْ عنقه ، فامتنع مسلم مِن الفتك به ، وقام ابن زياد باعتقال هانئ ، ثمّ أرسل شرطته لإلقاء القبض على مسلم فقاتلهم حتّى ضعف عن المقاومة فوقع أسيراً بأيديهم. وهذا الذي أفاداه لمْ يذهب إليه أحد مِن المؤرّخين ؛ فإنّ تفصيل الحادثة حسب ما ذكرناه ، وما عداه فهو مِن الأقوال الشاذّة التي نشأت مِنْ قلّة التتبّع.
ولمّا أيقن الطاغية بفشل ثورة مسلم ، وتفلل قواته المسلحة أمر بجمع الناس في الجامع ، فتوافدت الجماهير وقد خيّم عليها الذعر والخوف ، فجاء الطاغية وهو يرعد ويبرق ويتهدّد ويتوعّد ، فصعد المنبر فقال : أيّها الناس ، إنّ مسلمَ بن عقيل أتى هذه البلاد وأظهر العناد وشقّ العصا ، وقد برئت الذمّة مِنْ رجل أصبناه في داره ، ومَنْ جاء به فله ديته.
اتّقوا الله عباد الله ، والزموا طاعتكم وبيعتكم ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً ، ومَنْ أتاني بمسلمِ بن عقيل فله عشر آلاف درهم ، والمنزلة الرفيعة مَِنْ يزيد بن معاوية ، وله في كلّ يوم حاجة مقضيّة (١).
وحفل هذا الخطاب بالقسوة والصرامة ، وفيه هذه النقاط التالية :
أ ـ الحكم بالإعدام على كلّ مَنْ آوى مسلماً مهما كانت لذلك الشخص مِنْ مكانة اجتماعية في المصر.
ب ـ إنّ دية مسلم تكون لمَنْ جاء به.
ج ـ إنّ مَنْ ظفر بمسلم تمنحه السلطة عشرة آلاف درهم.
__________________
(١) الفتوح ٤ / ٩٠.