ـ قمْ فأتني به ، ولك ما أردت مِن الجائزة والحظّ الأوفى.
لقد تمكّن ابن مرجانة مِن الظفر بسليل هاشم ليجعله قرباناً إلى اُمويّته اللصيقة التي نحر في سبيلها هو وأبوه جميع القِيَم الإنسانية ، واستباحا كلّ ما حرّمه الله مِنْ إثم وفساد.
وندب الطاغية لحرب مسلم عمرو بن حريث المخزومي صاحب شرطته ومحمّد بن الأشعث (١) ، وضمّ إليهما ثلاثمئة رجل من صناديد الكوفة وفرسانها ، وأقبلت تلك الوحوش الكاسرة لحرب القائد العظيم الذي أراد أنْ يحرّرها مِن الذلّ والعبودية وينقذها مِن الظلم والجور.
ولمّا سمع وقْعَ حوافر الخيل وزعقات الرجال علم أنّه قد اُتي إليه ، فبادر إلى فرسه فأسرجه وألجمه وصبّ عليه درعه وتقلّد سيفه ، والتفت إلى السيّدة الكريمة طوعة فشكرها على ضيافتها وأخبرها أنّه إنّما اُتي إليه مِنْ قبل ابنها الباغي اللئيم قائلاً : رحمك الله ، وجزاك عنّي خيراً. اعلمي إنّما اُتيت مِنْ قِبل ابنك (٢).
واقتحم الجيش عليه الدار فشدّ عليهم يضربهم بسيفه ففرّوا منهزمين ، ثمّ عادوا إليه فأخرجهم منها وانطلق نحوهم في السكّة شاهراً سيفه لمْ يختلج في قلبه خوف ولا رعب ، فجعل يحصد رؤوسهم بسيفه وقد أبدى مِن البطولات النادرة ما لمْ يشاهد لها التاريخ نظيراً في جميع
__________________
(١) تهذيب التهذيب ١ / ١٥١.
(٢) الفتوح ٥ / ٩٢ ـ ٩٣.