عمليات الحروب ، وكان يقاتلهم وهو يرتجز :
هو الموتُ فاصنعْ ويكَ ما أنتَ صانعُ |
|
فأنتَ بكأسِ الموتِ لا شكَّ جارعُ |
فصبرٌ لأمرِ الله جلّ جلالهُ |
|
فحكمُ قضاءِ اللهِ في الخلقِ ذائعُ (١) |
وأبدى سليل هاشم مِن الشجاعة وقوة البأس ما حيّر الألباب وأبهر العقول ؛ فقد قتل منهم فيما يقول بعض المؤرّخين واحداً وأربعين رجلاً (٢) ما عدا الجرحى ، وكان مِنْ قوّته النادرة أنّه يأخذ الرجل بيده ويرمي به مِنْ فوق البيت (٣) ، وليس في تاريخ الإنسانية مثل هذه البطولة ولا مثل هذه القوّة ، وليس هذا غريباً عليه ؛ فعمّه علي بن أبي طالب أشجع الناس وأقواهم بأساً وأشدّهم عزيمة.
واستعمل معه الجبناء مِنْ أنذال أهل الكوفة ألواناً قاسية وشاذّة مِنْ الحرب ، فقد اعتلوا سطوح بيوتهم وجعلوا يرمونه بالحجارة وقذائف النار (٤) ، ولو كانت في ميدان فسيح لأتى عليهم ، ولكنّها كانت في الأزقة والشوارع.
وفشلت جيوش أهل الكوفة وعجزت عن مقاومة البطل العظيم ، فقد أشاع فيهم القتل وألحق بهم خسائر فادحة ، وأسرع الخائن الجبان
__________________
(١) (٢) مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢١٢.
(٣) المنذر النضيد / ١٦٤ ، نفس المهموم / ٥٧.
(٤) المحاسن والمساوئ ـ للبيهقي ١ / ٤٣.