فقال مسلم : أأمن؟ قال : نعم. فقال للقوم الذين معه : ألِيَ الأمان؟ قالوا : نعم ، إلاّ عبيد الله بن العباس السلمي فإنّه قال : لا ناقة لي في هذا ولا جمل. وتنحّى.
فقال مسلم : أما لو لمْ تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم. واُتي ببغلة فحُمِلَ عليها فاجتمعوا حوله ، وانتزعوا سيفه فكأنّه عند ذلك أيس ، فقال : هذا أوّل الغدر (١).
٣ ـ ما ذكره أبو مخنف : أنّهم عملوا له حفيرة وستروها بالتراب ثمّ انكشفوا بين يديه ، فحمل عليهم فانكشفوا بين يديه ، فلمّا انتهى إليها سقط فيها فازدحموا عليه وأسروه (٢). وهذا القول لمْ يذهب إليه غير أبي مخنف.
ولمْ يفكر مسلم في تلك الساعة الحرجة بما سيعانيه مِن القتل والتنكيل على يد الطاغية ابن مرجانة ؛ وإنّما شغل فكره ما كتبه للإمام الحُسين بالقدوم إلى هذا المصر ، فقد أيقن أنّه سيلاقي نفس المصير الذي لاقاه ، فدمعت عيناه وظنّ عبيد الله بن العباس السلمي أنّه يبكي لما صار إليه مِن الأسر ، فأنكر عليه ذلك وقال له : إنّ مَنْ يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل الذي نزل بك لمْ يبكِ.
فردّ عليه مسلم ما توهمّه فيه قائلاً :
__________________
(١) الإرشاد / ٢٣٨ ، تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٣.
(٢) مقتل أبي مخنف ـ مخطوط بمكتبة السيّد محمود سعيد ثابت في كربلاء ، وذكر ذلك الطريحي في المنتخب / ٢٩٩.