وطوت الجيوش البيداء تحت قيادة الإمام الحسن (عليه السّلام) ، فانتهوا إلى ذي قار حيث كان الإمام (عليه السّلام) مقيماً هناك ، وقد سرّ (عليه السّلام) بنجاح ولده ، وشكر له مساعيه وجهوده. وانضمّت جيوش الكوفة إلى الجيش الذي كان مع الإمام (عليه السّلام) والبالغ عدده أربعة آلاف ، وكان فيهم أربعمئة ممّن شهد بيعة الرضوان مع النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، وقد أسند الإمام (عليه السّلام) قيادة ميمنة جيشه إلى الحسن (عليه السّلام) ، وقيادة ميسرته إلى الحُسين (عليه السّلام) (١) ، كما كانت جيوشه مزوّدة بأحسن السلاح ، ويقول المؤرّخون : إنّ الحُسين (عليه السّلام) كان قد ركب فرس جدّه (صلّى الله عليه وآله) المسمّى بالمرتجز (٢).
وتحرّكت قوات الإمام (عليه السّلام) مِنْ ذي قار وهي على بيّنة مِنْ أمرها ، فلمْ تكن متردّدة ولا شاكّة في أنّها على الهُدى والحقّ ، وقد انتهت إلى مكان يسمّى بالزاوية يقع قريباً مِن البصرة ، فأقام فيه الإمام (عليه السّلام) وقد بادر إلى الصلاة ، وبعدما فرغ منها أخذ يبكي ودموعه تسيل على سحنات وجهه الشريف ، وهو يتضّرع إلى الله في أنْ يحقن دماء المسلمين ويجنّبه ويلات الحرب ، ويجمع كلمة المسلمين على الهُدى والحقّ.
وأوفد الإمام (عليه السّلام) رسل السّلام للقاء عائشة ، وهم زيد بن صوحان ،
__________________
(١) جواهر المطالب ـ شمس الدين أبي البركات / ٤٣ ، من مصوّرات مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام).
(٢) وقعة الجمل ـ مُحمّد بن زكريا بن دينار / ٣٥.