ـ لا والله ، ما هو الظنّ ولكنّه اليقين.
ـ قتلني الله إنْ لمْ أقتلك.
ـ إنّك لا تدع سوء القتلة وقبح المُثلة وخبث السريرة. والله ، لو كان معي عشرة ممّن أثق بهم وقدرت على شربة ماء لطال عليك أنْ تراني في هذا القصر ، ولكنْ إنْ كنت عزمت على قتلي فأقم لي رجلاً مِنْ قريش أوصي له بما اُريد (١). وسمح له الطاغية بأن يوصي بما أهمّه.
ونظر مسلم في مجلس ابن زياد فرأى عمر بن سعد فأحبّ أنْ يعهد إليه بوصيته ، فقال له : لا أرى في المجلس قرشيّاً غيرك (٢) ، ولي إليك حاجة وهي سرّ (٣).
واستشاط ابن زياد غضباً حيث نفاه مسلم مِنْ قريش ، وأبطل استلحاقه ببني اُميّة ، فقد أبطل ذلك النسب اللصيق الذي ثبت بشهادة أبي مريم الخمّار ، ولمْ يستطع أنْ يقول ابن زياد شيئاً.
وامتنع ابن سعد مِن الاستجابة لمسلم ؛ ارضاءً لعواطف سيّده ابن مرجانة ، وكسباً لمودّته. وقد لمس ابن زياد خوره وخنوعه فأسرّها في نفسه
__________________
(١) الفتوح ٥ / ٩٧ ـ ٩٩.
(٢) جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب / ١٣٤.
(٣) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٤ ، الإرشاد / ٢٣٩.