وجسده إلى الأرض (١) ، وهكذا انتهت حياة هذا البطل العظيم الذي يحمل نزعات عمّه أمير المؤمنين (عليه السّلام) ومُثُلَ ابن عمّه الحُسين ، وقد استشهد دفاعاً عن الحقّ ودفاعاً عن حقوق المظلومين والمضطهدين.
ونزل القاتل الأثيم فاستقبله ابن زياد ، فقال له : ما كان يقول وأنتم تصعدون به؟
ـ كان يسبّح الله ويستغفره ، فلمّا أردت قتله قلت له : الحمد لله الذي أمكنني منك وأقادني منك. فضربته ضربة لمْ تغن شيئاً ، فقال لي : أما ترى فيّ خدشاً تخدشنيه وفاءً مِنْ دمك أيّها العبد.
فبهر ابن زياد وراح يبدي إعجابه وإكباره له قائلاً : أوَفخراً عند الموت (٢)!
وقد انطوت بقتل مسلم صفحة مشرقة مِنْ أروع صفحات العقيدة والجهاد في الإسلام ، فقد استشهد في سبيل العدالة الاجتماعية ومن أجل إنقاذ الاُمّة وتحريرها مِن الظلم والجور. وهو أوّل شهيد مِن الاُسرة النّبوية يُقتل علناً أمام المسلمين ولمْ يقوموا بحمايته والذبّ عنه.
وانبرى سليل الخيانة محمّد بن الأشعث (٣) إلى سلب مسلم ، فسلب
__________________
(١) مروج الذهب ٣ / ٩.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٤.
(٣) الأشعث بن قيس : إنّما سمي بالأشعث لشعوثة رأسه ، واسمه سعد بن كرب ، هلك بعد مقتل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بأربعين ليلة ، وكان عمره ٦٣ سنة ، جاء ذلك في تاريخ الصحابة / ٥ ؛ أمّا محمّد بن الأشعث فأمّه اُمّ فروة أخت أبى بكر لأبيه ، جاء ذلك في الرياض المستطاب / ٨.