فصُلِبا منكوسين (١) في الكناسة (٢) ، فكان مسلم فيما يقول المؤرّخون أوّل قتيل صُلِبَتْ جثته مِنْ بني هاشم (٣) ، وقد استعظم المسلمون كأشدّ ما يكون الاستعظام هذا الحادث الخطير ؛ فإنّ هذا التمثيل الفظيع إنّما هو جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ، ومسلم وهانئ إنّما هما مِنْ روّاد الحقّ ودُعاة الإصلاح في الإرض.
وعلى أيّ حالٍ ، فقد أخضع الطاغية بعد قتله لمسلم وهانئ العراق الثائر ، وارتمت جميع أوساطه تحت قدميه بدون أيّة مقاومة.
وعمد ابن مرجانة إلى إرسال رأس مسلم وهانئ وعمارة بن صلخب الأزدي (٤) هدية إلى سيّده يزيد ؛ لينال الجائزة ويحرز إخلاص الاُسرة المالكة له.
وقد أرسل معها هذه الرسالة : أمّا بعد ، فالحمد لله الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقّه وكفاه مؤونة عدوّه. أخبر أمير المؤمنين ـ أكرمه الله ـ أنّ مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي ، وإنّي جعلت عليهما العيون ، ودسست إليهما الرجال وكدتهما حتّى استخرجتهما ، وأمكن الله منهما ، فضربت أعناقهما وبعثت إليك برأسيهما مع هانئ بن أبي حيّة الوداعي الهمداني ، والزّبير بن الأروح التميمي ، وهما مِنْ أهل السمع والطاعة ، فليسألهما أمير المؤمنين
__________________
(١) مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٩٤.
(٢) المناقب والمثالب / ١٧٢.
(٣) مروج الذهب ٣ / ٧.
(٤) أنساب الأشراف ١ ق ١ / ١٥٥.