فغدروا بمسلم ونكثوا عهودهم ، وقد ملكهم ابن زياد بعطائه ؛ فأخرجهم لحرب ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعد أنْ أقسموا الأيمان المغلّظة على نصرته والذبّ عنه.
وظاهرة أخرى مِنْ ظواهر المجتمع الكوفي ، وهي سرعة التأثر بالدعايات مِنْ دون فحص ووقوف على واقعها ، وقد استغلّ هذه الظاهرة الاُمويِّون أيّام (مسكن) ؛ فأشاعوا في أوساط الجيش العراقي أنّ الحسن صالح معاوية ، وحينما سمعوا بذلك ماجوا في الفتنة وارتطموا في الاختلاف ، فعمدوا إلى أمتعة الإمام فنهبوها كما اعتدوا عليه فطعنوه في فخذه. ولمّا أذاعت عصابة ابن زياد بين جيوش مسلم أنّه جيش أهل الشام قد أقبل إليكم فلا تجعلوا أنفسكم عرضة للنقمة والعذاب ، فلمّا سمعوا ذلك انهارت أعصابهم وولّوا منهزمين ، وأمسى ابن عقيل وحده ليس معه إنسان يدلّه على الطريق.
هذه بعض مظاهر الحياة الاجتماعية في الكوفة ، وهي تكشف عن ضحالة ذلك المجتمع وانهياره أمام الأحداث ، فلمْ تكنْ له إرادة صلبة ولا وعي اجتماعي أصيل ؛ وقد جرّوا لهم بذلك الويل ، فدمّروا قضاياهم المصيرية وتنكّروا لجميع حقوقهم ، وفتحوا المجال للطاغية ابن مرجانة أنْ يتحكّم فيهم ، ويصبّ عليهم وابلاً مِن العذاب الأليم.