أمّا الحياة الاقتصادية في الكوفة فكانت تتّسم بعدم التوازن ، فقد كانت فيها الطبقة الأرستقراطية التي غرقت في الثراء العريض ، فقد منحتها الدولة الاُمويّة أيّام عثمان ومعاوية الهبات والامتيازات الخاصة ؛ فآثرت على حساب الضعفاء والمحرومين ، ومِنْ بين هؤلاء :
١ ـ الأشعث بن قيس : وقد اشترى في أيّام عثمان أراضي واسعة في العراق ، وكان في طليعة الإقطاعيين في ذلك العصر ، وهو الذي أرغم الإمام على قبول التحكيم ؛ لأنّ حكومته كانت تهدّد مصالحه وامتيازاته الخاصة.
٢ ـ عمرو بن حُريث : وكان أثرى رجل في الكوفة (١) ، وقد لعب دوراً خطيراً في إفساد ثورة مسلم وشلّ حركتها.
٣ ـ شبث بن ربعي : وهو مِن الطبقة الأرستقراطية البارزة في الكوفة (٢) ، وهو أحد المخذّلين عن مسلم ، كما تولّى قيادة بعض الفرق التي حاربت الحُسين (عليه السّلام).
هؤلاء بعض المثرين في ذلك العصر ، وكانوا يداً لابن مرجانة وساعده القوي الذي أطاح بثورة مسلم ؛ فقد كانوا يملكون نفوذاً واسعاً في الكوفة ، وقد استطاعوا أنْ يُعلنوا معارضتهم للمختار رغم ما كان يتمتّع به مِن الكُتل الشعبية الضخمة المؤلفة مِن الموالي والعبيد ، وهم الذين أطاحوا بحكومته.
أمّا الأكثرية الساحقة في المجتمع الكوفي فكانت مرتبطة بالدولة ، تتلقّى موادّها المعاشية منها ؛ باعتبارها المعسكر الرئيس للدولة ، فهي التي تقوم
__________________
(١) في الطبري : أنّ عمرو بن حُريث كان أكثر أهل الكوفة مالاً.
(٢) حياة الشعر في الكوفة / ١٦٨.