إنّ اللغة الفارسية أثّرت تأثيراً كبيراً في لغة الكوفة (١).
وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ الفرس كانوا يشكّلون عنصراً مهمّاً في الكوفة وكوّنوا بها جالية متميزة ، فكان أهل الكوفة يقولون : جئت مِنْ حمراء ديلم (٢).
ويقول البلاذري : إنّ زياداً سيّر بعضهم إلى الشام وسيّر قوماً منهم إلى البصرة (٣) ، وقد شاركت هذه الجالية في كثير مِن الفتوحات الإسلاميّة ، كما شكّلت المدّ العالي للإطاحة بالحكم الاُموي.
وكانت الأنباط مِن العناصر التي سكنت الكوفة ، وقد أثّروا في الحياة العامّة تأثيراً عقلياً واجتماعياً.
ويقول المؤرّخون : إنّ الأنباط ليسوا عنصراً خاصاً مِن البشر وإنّما هم مِن العرب ، وكانوا يستخدمون اللغة الدارمية في كتابتهم ، وكانوا يستوطنون بلاد العرب الصخرية وقد انتقلوا منها إلى العراق ، واشتغلوا بالزراعة ، وكانوا ينطقون بلغتهم الدارمية (٤) ، وقد أثّروا تأثيراً بالغاً في حياة الكوفة.
يقول أبو عمرو بن العلاء لأهل الكوفة : لكم حذلقة النبط وصلفهم ، ولنا زهاء الفرس وأحلامهم (٥).
ويروي الطبري أنّ رجلاً مِنْ بني عبس أسر رجلاً مِنْ أهل نهاوند اسمه دينار ، وكان يواصل العبسي ويهدي إليه ، وقد قدم
__________________
(١) البيان والتبيين ١ / ١٩ ـ ٢٠.
(٢) اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري / ٥٥.
(٣) فتوح البلدان / ٢٧٩.
(٤) الحضارة الإسلاميّة / ٩٧.
(٥) البيان والتبيين ٢ / ١٠٦.