وقد شغل المسيحيون في الكوفة أعمالَ الصيرفة وكوّنوا أسواقاً لها (١) ، وكانت الحركة المصرفية بأيديهم ، كما كانوا يقومون بعقد القروض لتسهيل التجارة ، وكانت تجارة التبادل والصيرفة بأيديهم (٢) ، وقد مهروا في الصيرفة ونظّموها على شكل يشبه البنوك في هذا العصر.
وكانت هذه البنوك الأهلية تستقرض منها الحكومة المحلّية الأموال إذا حدثت ثورة في القطر ، فكانت الأموال توزّع على أعضاء الثورة لإخمادها. وقد استقرض منها ابن زياد الأموال فوزّعها على وجوه الكوفة وأشرافها للقضاء على ثورة مسلم.
وعلى أيّ حالٍ ، فإنّ المجتمع الكوفي كان مزيجاً بين المسلمين والمسيحيين ، وكانت العلاقة بينهما وثيقة للغاية.
واستوطن اليهود الكوفة سنة (٢٠ هـ) (٣) ، وقد قدِمَ قسمٌ كبير منهم مِن الحجاز بعد أنْ أجلاهم منها عمر بن الخطاب (٤) ، وقد كانت لهم محلّة تُعرف باسمهم في الكوفة ، كما بنوا فيها معابد لهم. ويذكر الرحّالة (بنيامين)
__________________
(١) تاريخ الكوفة / ١٤٦ ، يبدأ سوق البنوك والصيرفة مِنْ مسجد سهيل إلى المسجد الأعظم ، كما نصّت على ذلك بعض المصادر.
(٢) خطط الكوفة / ١٤٦.
(٣) نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ـ يوسف رزق الله غنيمة / ١٠٣.
(٤) الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكوفة / ١٠٥.