أمّا أبوه فهو زياد بن سُميّة ، وهو مِنْ عناصر الشرّ والفساد في الأرض ، فقد سمل عيون الناس وصلبهم على جذوع النخل ، وقتل على الظنّة والتّهمة وأخذ البريء بذنب السقيم ، وأغرق العراق بالحزن والثكل والحداد.
وأمّا اُمّه مرجانة فكانت مجوسية (١) ، وقد عُرِفَتْ بالبغي ، وقد عرض بها عبيد الله التميمي أمام ابنها عبيد الله فقال : إنّ عمر بن الخطاب كان يقول : اللّهم إنّي أعوذ بك مِن الزانيات وأبناء الزانيات ، فالتاع ابن زياد وردّ عليه : إنّ عمر كان يقول : لمْ يقمْ جنين في بطن حمقاء تسعة أشهر إلاّ خرج مائقاً (٢). وفارق زياد مرجانة فتزوّج بها شيرويه (٣).
نشأ الطاغية في بيت الجريمة ، وقد قطع دور طفولته في بيت زوج اُمّه شيرويه ولمْ يكن مسلماً ، ولمّا ترعرع أخذه أبوه زياد وقد ربّاه على سفك الدماء والبطش بالناس وربّاه على الغدر والمكر ، وقد ورث جميع صفات أبيه الشريرة مِن الظلم والتلذّذ بالإساءة إلى الناس ، وقد كان لا يقلّ قسوة عن أبيه ، وقد قال الطاغية في بعض خطبه : أنا ابن زياد أشبهته مِنْ بين مَنْ وطأ الحصا ، ولمْ ينتزعني شبه
__________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ٢٨٤.
(٢) البيان والتبيين ٢ / ٢٤٢.
(٣) البيان والتبيين ١ / ٧٢.