فتبعه ابن جرموز فأجهز عليه وقتله غيلة ، وحمل مقتله إلى الإمام (عليه السّلام) فحزن عليه كأشدّ ما يكون الحزن ، ويقول الرواة : إنّه أخذ سيفه وهو يقول : «سيف طالما جلا الكروب عن وجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)». وعلى أي حالٍ ، لقد كانت النهاية الأخيرة للزبير تدعو إلى الأسف والأسى ؛ فقد تمرّد على الحقّ ، وأعلن الحرب على وصي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وباب مدينة علمه.
وخاض طلحة المعركة وهو يحرّض جيشه على الحرب ، فبصر به مروان بن الحكم فرماه بسهم ؛ طلباً بثار عثمّان ، فوقع على الأرض يتخبّط بدمه. وكان مروان يقول لبعض ولد عثمّان : لقد كفيتك ثأر أبيك من طلحة. وأمر طلحة مولاه أنْ يأوي به إلى مكان ينزل فيه ، فأوى به بعد مشقّة إلى دار خربة مِنْ دور البصرة فهلك فيها بعد ساعة.
وتولّت عائشة قيادة الجيش بعد هلاك الزبير وطلحة ، وقد تفانت بنو ضبّة والأزد وبنو ناجية في حمايتها. ويقول المؤرّخون : إنّهم هاموا بحبّها ، فكانوا يأخذون بعر جملها ويشمّونه ، ويقولون : بعر جمل أُمّنا ريحه ريح المسك. وكانوا محدقين به لا يريدون فوزاً ولا انتصاراً سوى حمايتها ، وإنّ راجزهم يرتجز :
يا معشرَ الأزد عليكُمْ أُمّكمْ |
|
فإنّها صلاتُكُم وصومكُمْ |
__________________
(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٩٧.