والحرمةُ العظمى التي تعمّكُمْ |
|
فأحضروها جدكُمْ وحزمكُمْ |
لا يغلبنْ سمّ العدو سمّكُمْ |
|
إنّ العدوَّ إنْ علاكُمْ زمّكُمْ |
وخصّكُم بجورهِ وعمّكُمْ |
|
لا تفضحوا اليوم فداكُم قومكُمْ (١) |
وكانت تحرّض على الحرب كلّ مَنْ كان على يمينها ، ومَنْ كان على شمالها ، ومَنْ كان أمامها قائلة : إنّما يصبر الأحرار. وكان أصحاب الإمام (عليه السّلام) يلحّون على أصحاب عائشة بالتخلّي عنها ، وراجزهم يرتجز :
يا أُمَّنا أعقّ اُمٍّ نعلمُ |
|
والأُمُّ تغذو وُلدها وترحمُ |
أما ترينَ كم شُجاعٍ يُكلمُ |
|
وتختلي منه يدٌ ومِعصمُ |
وكان أصحاب عائشة يردّون عليهم ويقولون :
نحن بني ضبّة أصحابَ الجملْ |
|
ننازلُ القرن إذا القرن نزلْ |
والقتلُ أشهى عندنا مِن العسلْ |
|
نبغي ابن عفّان بأطراف الأسلْ |
ردّوا علينا شيخَنا ثمّ بجلْ
واشتدّ القتال كأشد وأعنف ما يكون القتال ، وكثرت الجرحى ، وملئت أشلاء القتلى وجه الأرض.
ورأى الإمام (عليه السّلام) أنّ الحرب لا تنتهي ما دام الجمل موجوداً ، فصاح (عليه السّلام) بأصحابه : «اعقروا الجمل ؛ فإنّ في بقائه فناء العرب». وانعطف عليه الحسن (عليه السّلام) فقطع يده اليمنى ، وشدّ عليه الحُسين (عليه السّلام) فقطع يده اليسرى (٢) ، فهوى إلى جنبه وله عجيج منكر لمْ يسمع مثله ، وفرّ حماة الجمل في البيداء ؛ فقد تحطّم صنمهم
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٢ / ٨١.
(٢) وقعة الجمل ـ مُحمّد بن زكريا / ٤٤.