٤ ـ إنّها فتحت باب الحرب بين المسلمين ، وقبلها كان المسلمون يتحرجون أشدّ ما يكون التحرّج في سفك دماء بعضهم بعضاً.
٥ ـ إنّها عملت على تأخير الإسلام وشلّ حركته وإيقاف نموّه ، فقد انصرف الإمام (عليه السّلام) بعد حرب الجمل إلى مقاومة التمرّد والعصيان الذي أعلنه معاوية وغيره من الطامعين في الحكم ، ممّا أدّى إلى أفدح الخسائر التي مُنِيَ بها الإسلام.
يقول الفيلسوف (ولز) : إنّ الإسلام كاد أنْ يفتح العالم أجمع لو بقي سائراً سيرته الاُولى لو لمْ تنشب في وسطه مِنْ أوّل الأمر الحرب الداخلية ؛ فقد كان همّ عائشة أنْ تقهر علياً قبل كلّ شيء (١).
٦ ـ واستباحت هذه الحرب حرمة العترة الطاهرة التي قرنها النّبي (صلّى الله عليه وآله) بمحكم التنزيل ، وجعلها سفن النجاة وأمن العباد ، فمنذ ذلك اليوم شُهِرَت السيوف في وجه عترة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، واستحلّ الأوغاد إراقة دمائهم وسبي ذراريهم ، فلمْ يرعَ بنو اُميّة في وقعة كربلاء أي حرمة للنّبي (صلّى الله عليه وآله) في أبنائه ، وانتهكوا معهم جميع الحرمات.
هذه بعض متارك حرب الجمل التي جرّت للمسلمين أفدح الخسائر في جميع فترات التاريخ.
ولمْ يكد يفرغ الإمام (عليه السّلام) من حرب الناكثين ـ كما اسماهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ـ حتّى جعل يتأهّب لحرب القاسطين الذين أسماهم النّبي (صلّى الله عليه وآله) بذلك ، ورأى الإمام (عليه السّلام) أنْ يغادر البصرة إلى الكوفة ؛ ليستعدّ لحرب عدوّ عنيف هو معاوية بن أبي سفيان الذي حارب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبلى في حربه أشدّ
__________________
(١) شيخ المضيرة / ١٧٣.