الحسن والحسين (عليهما السّلام) ـ لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)» (١).
لقد حرص الإمام (عليه السّلام) على ريحانتي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ لأنّ بهما امتداداً لنسله ، وإبقاءً لذرّيّته.
وعمّار بن ياسر من ألمع أصحاب النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، وأكثرهم جهاداً وبلاءً في الإسلام ، وقد شايع عليّاً ولازمه بعد وفاة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقد أيقن أنّه مع الحقّ والحقّ معه كما قال فيه النّبي (صلّى الله عليه وآله). وكان في أيّام صفّين شيخاً قد نيف على التسعين عاماً ، ولكنّ قلبه وبصيرته كانت بمأمن من الشيخوخة ؛ فقد كان في تلك المعركة كأنّه في ريعان الشباب ، وكان يحارب راية ابن العاص ، وهو يشير إليها قائلاً : والله ، إنّ هذه الراية قاتلتها ثلاث عركات وما هذه بأرشدهن. وكان يقول لأصحابه لمّا رأى انكشافهم في المعركة : والله ، لو ضربونا حتّى يبلغونا سعفان هجر لعلمنا أنّا على الحقّ ، وأنّهم على الباطل.
ويقول الرواة : إنّه جلس مبكراً في يوم مِنْ أيّام صفّين ، وقد ازداد قلبه شوقاً إلى ملاقاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وملاقاة أبويه ، فخفّ إلى الإمام مسرعاً يطلب منه الإذن في أنْ يلجَ الحرب لعلّه يُرزق الشهادة ، فلمْ يسمح له الإمام (عليه السّلام) بذلك ، وظلّ يعاود الإمام مستأذناً فلمْ تطب نفس الإمام بذلك ، وراح يلح عليه فأذن له ، وأجهش الإمام (عليه السّلام) بالبكاء حزناً وموجدة عليه.
وانطلق عمّار إلى ساحات الحرب وهو موفور القوى ، قد استردّ نشاطه ، وهو جذلان فرح بما يصير إليه من الشهادة ، وقد رفع صوته عالياً :
__________________
(١) نهج البلاغة