المُقدّمة
ـ ١ ـ
وأثّرت الأحداث الرهيبة التي عاصرها الإمام الحُسين (عليه السّلام) تأثيراً هائلاً في تغيير مناهج الحياة الفكرية والاجتماعية في الإسلام ، كما لعبت دورها الخطير على مسرح الحياة السياسية على امتداد التاريخ ، وكان مِنْ أبرز نتائج تلك الأحداث التناحر على السّلطة ، والتنافس على الحكم ، والصراع على الظفر بخيرات البلاد.
وكان مِن الطبيعي أنْ يحدث ذلك الصراع السياسي بأقسى صوره وأبشع ألوانه ، وأنْ يحتدم الجدال كأشدّ وأعنف ما يكون الجدال ؛ فقد سحرت عيون الكثيرين مِنْ الصحابة والتابعين ما رأوه مِنْ ألوان الترف وخفض العيش ورقّته ، وما شاهدوه مِنْ جلال المُلْك الذي أزالوه مِنْ فارس ، وما احتلّوه مِنْ بلاد الروم ، وهالتهم الفتوحات التي تقوم بها الجيوش الإسلامية وما يفتح الله على أيديهم ، وما يجلبونه مِن البلاد المحتلة مِن الرقيق وسائر الأموال التي لمْ يكونوا يحلمون بالنظر إليها ، كلّ ذلك دفعهم إلى التّهالك على السّلطة ، وفتنهم عن دينهم.
واستشف الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) مِنْ وراء الغيب ما تبلغه أُمّته مِن المجد والسّيادة على جميع شعوب الأرض ، وسقوط الدول الكبرى تحت