.................................................................................................
______________________________________________________
والمفروض في المقام زوال العلم السابق لو كان وتبدّله بالشكّ ، فمتعلّق الاحتمال ليس إلّا تكليفاً غير منجّز بالفعل جزماً ، إذ لا أثر للتنجيز السابق الزائل.
ومن هنا لا يشكّ أحد في الرجوع إلى البراءة عن المقدار الزائد على المتيقّن فيما لو استدان زيد من عمرو مبلغاً سجّلاه في دفترهما عند الاستدانة ثمّ ضاع الدفتر ونسيا المبلغ ، وتردّد بين الأقلّ والأكثر ، مع أنّ الزائد على تقدير ثبوته كان منجّزاً سابقاً لفرض العلم به في ظرف الاستدانة ، وليس ذلك إلّا لما عرفت من أنّ المانع من الرجوع إلى البراءة إنّما هو احتمال التكليف المنجّز فعلاً ، لا ما كان كذلك سابقاً كما هو ظاهر جدّاً.
وعلى الجملة : فلم يتعلّق الاحتمال في المقام بالتكليف المنجّز ، بل بتكليفٍ لعلّه كان منجّزاً سابقاً ، ومن البيّن أنّ العبرة في جريان الأصل بحال التكلّف حال الجريان لا فيما تقدّم وانصرم.
وأمّا الثاني أعني : الشك من جهة المانع ـ : فقد يكون من أجل الشك في زمان حدوثه ، وأُخرى في مقدار بقائه وزمان زواله وارتفاعه.
أمّا الأوّل : كما لو علم أنّه رجع عن السفر أو برئ من المرض في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان مثلاً وشكّ في مبدأ السفر أو المرض وأنّه كان اليوم الثامن عشر ليكون الفائت منه خمسة أيّام أو العشرين ليكون ثلاثة ، فلا ريب في الرجوع حينئذٍ إلى الأصل الموضوعي النافي للقضاء وهو استصحاب عدم السفر ، أو عدم المرض قبل يوم العشرين ، فإنّ موضوع وجوب الصوم في أيّامٍ أُخر هو المريض والمسافر ، فباستصحاب عدمهما ينتفي الحكم.
وبعبارة اخرى : إنّ مقتضى الاستصحاب أنّ الصوم كان واجباً عليه قبل