فلما قال عليه السلام هذا القول فى كلام طويل قد ذكرنا مختاره فى جملة الخطب ، تقدم إليه رجلان من أصحابه فقال أحدهما : إنى لا أملك إلا نفسى وأخى فمر بأمرك يا أمير المؤمنين ننقد له فقال عليه السلام : وأين تقعان ممّا أريد؟ (١)
٢٦٢ ـ وقيل إن الحارث بن حوت أتاه فقال : أترانى أظن أصحاب الجمل كانوا على ضلالة (٢)؟. فقال عليه السلام : يا حارث ، إنّك نظرت تحتك ولم تنظر فوقك فحرت (٣)! إنّك لم تعرف الحقّ فتعرف من أتاه ، ولم تعرف الباطل فتعرف من أتاه ، فقال الحارث : فإنى أعتزل مع سعيد بن مالك وعبد اللّه بن عمر؟ فقال عليه السلام : إنّ سعيدا وعبد اللّه بن عمر لم ينصرا الحقّ ولم يخذلا الباطل
٢٦٣ ـ وقال عليه السلام : صاحب السّلطان كراكب الأسد : يغبط بموقعه ، وهو أعلم بموضعه (٤).
__________________
(١) أى : أين أنتما وما هى منزلتكما من الأمر الذى أريده؟ وهو يحتاج إلى قوة عظيمة فلا موقع لكما منه
(٢) أترانى ـ بضم التاء ، مبنى للمجهول ـ أى : أتظننى.
(٣) نظرت الخ : أى : أصاب فكرك أدنى الرأى ولم يصب أعلاه ، و «حار» أى : تحير ، وأتى الحق : أخذ به
(٤) يغبط ـ مبنى للمجهول ـ أى : يغبطه الناس ويتمنون منزلته لعزته ، ولكنه أعلم بموضعه من الخوف والحذر ، فهو وإن أخاف بمركوبه إلا أنه يخشى أن يغتاله