[فى الدّنيا] للدّنيا ، قد شغلته دنياه عن آخرته ، يخشى على من يخلفه الفقر ويأمنه على نفسه ، فيفنى عمره فى منفعة غيره ، وعامل عمل فى الدّنيا لما بعدها فجاءه الّذى له من الدّنيا بغير عمل ، فأحرز الحظّين معا ، وملك الدّارين جميعا فأصبح وجيها عند اللّه (١) ، لا يسأل اللّه حاجة فيمنعه.
٢٧٠ ـ وروى أنه ذكر عند عمر بن الخطاب فى أيامه حلى الكعبة وكثرته ، فقال قوم : لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر وما تصنع الكعبة بالحلى؟ فهم عمر بذلك ، وسأل أمير المؤمنين عليه السلام فقال عليه السلام : إنّ القرآن أنزل على النّبىّ صلى اللّه عليه وآله وسلم والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسّمها بين الورثة فى الفرائض ، والفىء فقسّمه على مستحقّيه ، والخمس فوضعه اللّه حيث وضعه ، والصّدقات فجعلها اللّه حيث جعلها ، وكان حلى الكعبة فيها يومئذ ، فتركه اللّه على حاله ، ولم يتركه نسيانا ، ولم يخف عليه مكانا (٢) ، فأقرّه حيث أقرّه اللّه ورسوله. فقال له عمر : لولاك لافتضحنا ، وترك الحلى بحاله
٢٧١ ـ وروى أنه عليه السلام رفع إليه رجلان سرقا من مال اللّه : أحدهما عبد من مال اللّه ، والآخر من عروض الناس (٣) فقال عليه السلام :
__________________
(١) «وجيها» أى : ذا منزلة علية من القرب إليه سبحانه.
(٢) أى : لم يكن مكان حلى الكعبة خافيا على اللّه. فمكانا تميز نسبة الخفاء إلى الحلى :
(٣) أى : إن السارقين كانا عبدين أحدهما عبد لبيت المال. والآخر عبد لأحد الناس ، من عروضهم : جمع عرض ـ بفتح فسكون ـ وهو المتاع غير الذهب