واعلم أنّ الّذى بيده خزائن السّموات والأرض قد أذن لك فى الدّعاء ، وتكفّل لك بالإجابة ، وأمرك أن تسأله ليعطيك ، وتسترحمه ليرحمك ، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبه عنك ، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه. ولم يمنعك إن أسأت من التّوبة ، ولم يعاجلك بالنّقمة [ولم يعيّرك بالانابة (١) ،] ولم يفضحك حيث الفضيحة بك أولى ، ولم يشدّد عليك فى قبول الانابة ، ولم يناقشك بالجريمة ، ولم يوئسك من الرّحمة ، بل جعل نزوعك عن الذّنب حسنة (٢) ، وحسب سيّئتك واحدة وحسب حسنتك عشرا ، وفتح لك باب المتاب [وباب الاستيعاب] فاذا ناديته سمع نداءك ، وإذا ناجيته علم نجواك (٣) فأفضيت إليه بحاجتك (٤) ، وأبثثته ذات نفسك ، وشكوت إليه همومك ، واستكشفته كروبك (٥) ، واستعنته على أمورك ، وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه غيره : من زيادة الأعمار ، وصحّة
__________________
(١) الانابة ـ بالنون الموحدة ـ الرجوع إلى اللّه ، واللّه لا يعير الراجع إليه برجوعه ، ويروى «الاثابة» بالثاء المثلثة ـ وتحتمل أن تكون بمعنى الثواب وأن تكون بمعنى الرجوع أيضا ، من نحو قولهم «ثاب إلى رشده» أى : رجع
(٢) نزوعك : رجوعك
(٣) المناجاة : المكالمة سرا ، واللّه يعلم السر كما يعلم العلن
(٤) أفضيت : ألقيت ، وأبثثته : كاشفته ، وذات النفس : حالتها
(٥) طلبت كشفها