الحمراء ، اي لامرتفعة كثيراً ولا لا صقة بالارض (٢٤) ، الى ان قال القسطلاني الشارح : ولا يؤثر في أفضلية التسطيح كونه صار شعار الروافض لان السنة لا تترك بموافقة أهل البدع فيها! ولا يخالف ذلك قول علي ـ رضي الله عنه ـ أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله ان لاادع قبراً مشرفاً الاسويته ، لانه لم يرد تسويته بالارض وانما اراد تسطيحه جمعاً بين الاخبار ، ونقله في المجموع عن الاصحاب (٢٥).
إنتهى ما اردنا نقله من شرح البخاري ، وانت ترى من جميع ما أحضرناه لديك وتلوناه عليك من كلمات أعاظم المسلمين وأساطين الدين من مراجع الحديث كالبخاري ومسلم ، وأئمة المذاهب كأبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد ، وأعلام العلماء واهل الاجتهاد كالنووي وامثاله ، كلهم متفقون على مشروعية بناء القبور في زمن الوحي والرسالة ، بل النبي صلىاللهعليهوآله بذاته بنى قبر ولده إبراهيم ؛ إنما الخلاف والنزاع فيما بينهم في ان الافضل والارجح تسطيح القبر او تسنيمه ، فالذاهبون الى التسنيم يحتجون بحديث البخاري عن سفيان التمار انه رأى قبر النبي صلىاللهعليهوآله مسنماً ، والعادلون الى التسطيح يحتجون بتسطيح النبي قبر ولده إبراهيم ، وصحيح القاسم بن محمد بن ابي بكر شاهد له ، ولعل هذا الدليل هو الارجح في ميزان الترجيح والتعديل ، ولا يقدح فيه انه صار من شعار الروافض وأهل البدع كما قال شارح البخاري ، فيما مر عليك نقله.
ولا يعنينا الآن الخوض في حديث الروافض وانهم من اهل البدع ام لا ، إنما الشأن في حديث « لاتدع قبراً مشرفاً إلا سويته » واحسب أنه قد تجلى لك بحيث يوشك ان يلمس بالانامل ، ويرى بباصرة العين ان معنى « سويته » عدلته وسطحته في قبال سنمته وحدبته ويناسب هذا المعنى كل المناسبة التقييد
__________________
(٢٤) سنن أبي داود ٣/ ٢١٥ ح ٣٢٢٠.
(٢٥) إرشاد الساري ٢/ ٤٧٧.