.................................................................................................
______________________________________________________
جواز التصرّف فيه وإن زالت به الاستطاعة ، فالمقتضي لوجوب الصرف في الزكاة موجودٌ من غير مانع ، فلا جرم تتعلّق به الزكاة ، ومعه ينتفي موضوع الحجّ أعني : الاستطاعة إذ ليس المال بعدئذٍ خالصاً له ، بل مشتركٌ بينه وبين الفقير ، فلم يكن مالكاً لما يحجّ به كي يجب عليه الحجّ.
وعلى هذا رتّب (قدس سره) تقديم الزكاة في القسم الثالث وهو صورة المقارنة لفعلية شرط الزكاة أعني : ملك النصاب في تمام الحول ، فتجب ، بخلاف الحجّ ، لتعلّقه بالمستطيع أي من يكون مالكاً لما يحجّ به وهذا ليس كذلك ، لأنّه في آن تعلّق الحجّ لم يملك إلّا المال المشترك بينه وبين الفقير من غير أن تكفي حصّته للحجّ حسب الفرض.
أقول : لو كان وجوب الحجّ منوطاً بخروج الرفقة وسير القافلة لكان ما ذكره (قدس سره) جيّداً ، ولكن الأمر ليس كذلك وإن ذكره جماعةٌ من الأصحاب ، لعدم نهوض أيّ دليل عليه ، ولم ترد به رواية أبداً ، كما أنّ ما ذكره جماعة أُخرى من إناطة الوجوب بدخول أشهر الحجّ أي عند ما هلّ هلال شوّال عارٍ أيضاً عن كلّ شاهد.
والذي نطقت به الآية المباركة (١) المعتضدة بالنصوص المتظافرة تعليق الوجوب على مجرّد الاستطاعة ، من غير دخالةٍ لخروج الرفقة ولا حلول تلك الأشهر ، فمن حصلت له الاستطاعة المفسّرة في غير واحدٍ من النصوص بالزاد والراحلة وتخلية السرب في أيّ زمان كان ولو كان شهر محرّم وجب عليه الحجّ على سبيل الواجب التعليقي ، فيجب عليه حفظ المال ، ولا يجوز صرفه فيما تزول به الاستطاعة ، كما أنّه لو لم يتمكّن من المسير إلّا في هذا الزمان بحيث لو أخّر الخروج إلى قدوم أشهر الحجّ لم يتهيّأ له السير بعدئذٍ لمانعٍ من الموانع
__________________
(١) آل عمران ٣ : ٩٧.