.................................................................................................
______________________________________________________
مفهوم الحنطة والشعير ، فإنّ العرف يرى سعة المفهوم وشموله للمشتمل على الخليط من ترابٍ ونحوه غير المنفكّ عنه في الخارج غالباً ، ولا يخصّه بالخالص الذي هو فردٌ نادرٌ جدّاً.
ومن ثمّ كان المناط في النصاب بلوغ الخليط وإن كان الخالص بعد التصفية ناقصاً عنه ، كما أنّه لو باع منّاً من الحنطة تحقّق التسليم بدفع المخلوط بالمقدار المتعارف.
ومن هذا القبيل : ما تقدّم في مبحث الإقامة من صلاة المسافر (١) ، من أنّ مفهوم الإقامة في البلد عشرة أيّام مفهومٌ واسع عرفاً يعمّ البلد وضواحيه ، من أجل قيام العادة على أنّ المقيم في البلد لا يقتصر على الإقامة داخل السور ، بل يخرج أحياناً للتنزّه أو لتشييع الجنائز أو زيارة القبور ، ونحو ذلك ممّا لا يضرّ بصدق كونه مقيماً في البلد عرفاً.
وعلى الجملة : فكلّ توسعة عائدة إلى تشخيص المفهوم ومعرفة حدوده وجوانبه كان نظير العرف فيه متّبعاً ، وكان الصدق حينئذٍ حقيقيّا عرفيّاً وإن لم يكن دقّيّاً ، وليس من المسامحي في شيء ، وكلّ توسعة مبنيّة على التسامح في التطبيق بعد معرفة المفهوم فلا يُصغى إليها ولا حجّيّة فيها وإن أقرّ عليها العرف.
ومقامنا من هذا القبيل ، ضرورة أنّ مفهوم الحول كالشهر في العدّة وعشرة أيّام في الإقامة واضحٌ ومبين لا تردّد فيه ، وأنّه لا يكاد يشمل الناقص عنه ولو ساعة ، فإذا عُلِّقَ عليه وجوب الزكاة فكان الموضوع من كان عنده المال حولاً واحداً وكان المراد به العاقل البالغ لا ذات المالك كما مرّ وقد نقص عن الحول فجنّ ولو ساعة ، فطبعاً لم يكن المال عنده بما هو عاقلٌ حولاً كاملاً ، ومعه لا مناص من الاستئناف.
__________________
(١) شرح العروة (كتاب الصلاة ٨) : ٢٧١ ٢٧٥.