.................................................................................................
______________________________________________________
وإنّما الكلام فيما لو أخرجه عن الملك بهبةٍ ونحوها بقصد الفرار من الزكاة ، فإنّ المشهور حينئذٍ سقوط الزكاة أيضاً أي عدم تعلّق الوجوب فلا فرق في ذلك بين قصد الفرار وبين غيره من سائر الدواعي ، لإطلاق النصوص ، بل التصريح في جملة منها بالسقوط عمّن فرّ عنها بالتبديل ، كما في صحيحة عمر ابن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : رجل فرّ بماله من الزكاة فاشترى به أرضاً أو داراً ، أعليه شيء؟ «فقال : لا ، ولو جعله حليّاً أو نقراً فلا شيء عليه ، وما منع نفسه من فضله أكثر ممّا منع من حقّ الله الذي يكون فيه» (١).
وعن جماعة كثيرين : ثبوت الزكاة حينئذٍ وعدم سقوطها فيما إذا كان بقصد الفرار ، ومنهم السيّد المرتضى (قدس سره) ، مستدلّاً عليه بعد دعوى الإجماع بجملة من الأخبار ، مدّعياً أنّها أقوى وأوضح طريقاً من النصوص المتقدّمة ، وأنّها محمولة على التقيّة ، لأنّ عدم الوجوب مذهب جميع المخالفين (٢).
أقول : أمّا ما أفاده من أنّ عدم الوجوب مذهب جميع المخالفين فليس الأمر كذلك ، بل المسألة عندهم أيضاً خلافيّة وهي ذات قولين ، فذهب أبو حنيفة والشافعي إلى عدم الوجوب ومالك وأحمد بن حنبل إلى الوجوب كما نبّه عليه في الحدائق
(٣) ، والمذاهب الأربعة وإن لم تكن كلّها مشهورة في زمن الصادقين (عليهما السلام) إلّا أنّه يعلم من ذلك وجود الخلاف بين العامّة آن ذاك ، المانع عن الحمل على التقيّة كما لا يخفى ، فليتأمّل.
وأمّا ما ذكره (قدس سره) من أنّ نصوص الثبوت أوضح طريقاً من نصوص
__________________
(١) الوسائل ٩ : ١٥٩ / أبواب زكاة الذهب والفضّة ب ١١ ح ١.
(٢) الانتصار : ١٥٤.
(٣) الحدائق ١٢ : ١٠٥.