.................................................................................................
______________________________________________________
محدودة مقصورة من جهة الانتفاع فقط ، وليس للموقوف عليه السلطنة على العين من حث البيع أو الهبة أو الرهن ونحو ذلك ممّا يتمتّع الملّاك من أملاكهم ، فإنّه على ما قيل في تعريفه : تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة. فمفهوم الوقف متقوّم بالبقاء والسكون وعدم الحركة ، كأنه واقفٌ في مكانه في عالم الاعتبار.
ولا شكّ أنّ أدلّة الزكاة منصرفة عن مثل هذه الملكيّة ، فإنّ الأمر بالأخذ في مثل قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) (١) ظاهرٌ في اختصاصه بموردٍ يتمكّن المالك من إعطاء العين عن رضى ورغبة دون ما لا يتمكّن من إعطائها كالوقف فإنّه منصرفٌ عن مثل ذلك جزماً.
ولو لم يكن بعض عبارات المحقّق (٢) لأمكن أن يقال : إنّه يريد بقوله : تمام الملك ، في قبال هذه الموارد التي يكون الملك فيها ناقصاً وقاصراً.
وهذا كما ترى أجنبي عن عدم التمكّن من التصرّف ، للتمكّن من التصرّف في الوقف بما لا ينافيه ، غير أنّ الملكيّة في حدّ ذاتها قاصرة من الأوّل كما عرفت ، لعدم كونه من الأموال التي يتمكّن المالك من أن يعطيها باختياره وطوعه ورغبته ، فهناك قصور في المالكيّة ذاتاً لا تشريعاً ، إذ لا يترتّب عليها إلّا الانتفاع بالمنافع فحسب حسبما عرفت ، فيصحّ أن يقال : إنّ من شرائط الزكاة : الملك ، وأن يكون تامّاً لا قاصراً كما في الوقف ، نظراً إلى أنّ المالك لا يتمتّع إلّا بالنماء دون العين ، فإنّها ساكنة غير متحرّكة ، فكانت الملكيّة قاصرة ، وأدلّة الزكاة عن مثله منصرفة.
وأمّا الرهن : فالمشهور شهرة عظيمة عدم الزكاة فيه ، ونُسِبَ الخلاف إلى
__________________
(١) التوبة ٩ : ١٠٣.
(٢) المتقدمة في ص ٣٤.