.................................................................................................
______________________________________________________
أنّه حال الحول والمال عنده وجبت الزكاة ، وإلّا فلا كما عرفت.
وأمّا ما ذكره (قدس سره) بعد ذلك من أنّه مع الشكّ يرجع إلى الاستصحاب إن أمكن وإلّا فإلى أصالة الاحتياط ، فالظاهر أنّ هذين الأمرين لا يجتمعان في موردٍ واحد ، فإنّ الشبهة المفروضة أمّا أنّها حكميّة مفهوميّة ، أو موضوعيّة خارجيّة.
فعلى الأوّل كما لعلّه الظاهر من العبارة بقرينة الرجوع إلى العرف الذي هو المرجع في الشبهات المفهوميّة لا المصداقيّة كما لا يخفى ـ : فما ذكره (قدس سره) حينئذٍ من الاحتياط في وجوب الزكاة هو الصحيح ، بل الأمر أوضح من ذلك ، وينبغي الفتوى به صريحاً ، لأنّ أدلّة وجوب الزكاة مطلقة ، والدليل المنفصل قيّد الوجوب بما إذا كان المال عنده وتحت يده ، فإذا شُكّ في هذا العنوان لشبهةٍ مفهوميّةٍ دائرةٍ بين الأقلّ والأكثر فلا محالة يُشَكّ في التقييد الزائد على المقدار المتيقّن ، فيُرجَع فيه إلى الإطلاق.
ووجهه ظاهرٌ على ما بيّناه في الأُصول (١) ، فإنّ ظهور العامّ أو المطلق حجّة لا يُرفَع اليد عنها إلّا بحجّةٍ أقوى ، والمخصّص أو المقيّد المنفصل إنّما يتقدّم ويكون أقوى فيما إذا انعقد له الظهور وتمّت الدلالة ، أمّا إذا كان مجملاً دائراً بين الأقلّ والأكثر كما هو المفروض في المقام فلا بدّ من الاقتصار على المقدار المتيقّن إرادته المحرز دلالته ، وهو الأقلّ ، وأمّا الزائد المشكوك فلا موجب لرفع اليد عن ظهور العامّ أو المطلق بالإضافة إليه ، لعدم نهوض حجّة أقوى على خلافه.
فلا بدّ من الالتزام بوجوب الزكاة في المقام ، عملاً بظهور العامّ ، ما لم يحرز أنّ المال ليس عنده كما هو المفروض.
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٦٢ ١٦٦.