كما أنّ مع الجهل بالحالة السابقة وأنّها الجنون أو العقل كذلك (١).
______________________________________________________
(١) أي يحكم بعدم الوجوب ، استناداً إلى أصالة البراءة.
أقول : قد يُفرَض الكلام فيما إذا لم تكن الحالة السابقة معلومة بوجه ، فكانت هي كالحالة الفعليّة مجهولة بقولٍ مطلق ، كما لو ملك شخصٌ مقداراً من المال وشكّ من أوّل أمره أنّه هل كان عاقلاً أو مجنوناً.
والظاهر حينئذٍ وجوب الزكاة عليه ، سواء أقلنا بأنّ الجنون مانع ، أم أنّ العقل شرط.
أمّا على الأوّل : فلإطلاقات الزكاة بعد دفع الجنون المشكوك بأصالة العدم ، كما ذكرنا (١) نظيره في الميّت الذي يشكّ في إسلامه من وجوب تجهيزه ، استناداً إلى عمومات تجهيز الميّت ، بعد دفع العنوان الخارج عنها وهو الكفر الذي هو بمثابة المانع بأصالة العدم ، فإنّ الكفر وإن كان أمراً عدميّاً كالجنون في المقام إلّا أنّهما من قبيل الأعدام والملكات كما لا يخفى ، فلا جرم كان أمراً حادثاً مسبوقاً بالعدم ، فلا مانع إذن من نفيه بالأصل.
وأمّا على الثاني أعني القول بشرطيّة العقل في وجوب الزكاة ، كشرطيّته في عامّة التكاليف ، وأنّ ما دلّ على أنّه لا زكاة في مال المجنون حكمٌ تأكيدي يراد به شرطيّة العقل لا مانعيّة الجنون ـ : فلاستقرار بناء العقلاء على أصالة السلامة في كافّة الموارد التي يحتمل فيها نقصٌ في الخلقة الأصليّة التي من أبرز مصاديقها الجنون ، فإنّهم لا يزالون يبنون على الصحيح في كلّ مورد دار الأمر بينه وبين المعيب ، فلا يُعتنى باحتمال كون المبيع معيباً ، ولا تعدّ المعاملة غرريّة ، ولو ادّعاه المشتري ليطالب بالفسخ أو الأرش كان عليه الإثبات. كما لا يُصغى
__________________
(١) في ص ٦٢ ٦٧.