نعم ، لو طلبها الفقيه (١) على وجه الإيجاب بأن يكون هناك ما يقتضي وجوب صرفها في مصرفٍ بحسب الخصوصيّات الموجبة لذلك شرعاً وكان مقلّداً له ، يجب عليه الدفع إليه من حيث إنّه تكليفه الشرعي لا لمجرّد طلبه وإن كان أحوط كما ذكرنا ، بخلاف ما إذا طلبها الإمام (عليه السلام) في زمان الحضور فإنّه يجب الدفع إليه بمجرد طلبه من حيث وجوب طاعته في كل ما يأمر.
______________________________________________________
وملخّص الكلام : أنّ الناظر في نصوص المقام الواردة في الأبواب المتفرّقة يكاد يقطع بأنّ ثبوت الولاية للمالك وعدم الحاجة إلى المراجعة من الأُمور المسلّمة عند الصحابة بحيث لا يعتريها أيّة مرية ، فإذا كان الأمر كذلك في عصر الحضور مع وجود الإمام الأصل فما ظنّك بعصر الغيبة ، فلا يجب النقل لا إلى الإمام ولا إلى نائبه العامّ ما لم يطلب ، أمّا مع الطلب فهو أمر آخر ستعرفه.
نعم ، لا ريب أنّه أحوط ، خروجاً عن شبهة الخلاف ، بل ولعلّه أفضل ، لفتوى جمع من الأصحاب بالاستحباب ، بناءً على قاعدة التسامح وشمولها لفتوى الفقيه وإن كان فيه ما فيه. وأبصريّة الفقيه لو صلحت سنداً للأفضليّة غير مطّردة ، إذ قد يكون المالك هو الأبصر بالواقع كما هو ظاهر.
(١) لا يخفى أنّ طلب الفقيه للزكاة على أنحاء :
فتارةً : يطلبها من أجل أنّ ذلك هو مقتضى رأيه وفتواه ، حيث يرى أنّ الولاية عليها له لا للمالك ، ولا شكّ في وجوب النقل إليه حينئذٍ على مقلّديه ، إذ التوزيع بلا استئذان منه لا يكون مبرئاً للذمّة ، بل هو إتلافٌ للمال وموجبٌ للضمان ، وعليه الأداء ثانياً ، لعدم حصول الامتثال.
وأُخرى : أن لا يكون ذلك فتواه ابتداءً فيعتقد ثبوت الولاية للمالك ولا يرى وجوب النقل من حيث هو ، ولكنّه من أجل بعض الخصوصيّات والمناسبات