لا بدّ من تولّي المالك للنيّة حين الدفع إلى الوكيل ، والأحوط استمرارها إلى حين دفع الوكيل إلى الفقير.
______________________________________________________
والظاهر أنّه حين التوكيل أو الدفع إلى الوكيل لا حين الوصول إلى الفقير ، وذلك لأنّ نيّة القربة في العبادات لمّا كانت هي الداعي إلى العمل فلا جرم كانت مقارنة لنيّة العمل كأداء الزكاة في المقام ، ومن الواضح أنّ نيّة العمل عباديّاً كان أم لا إنّما تصدر من الموكّل حين تسبيبه إليه وإيجاده مقدّمته بإعمال الوكالة وإيقاعها بشؤونها ، فلا بدّ وأن يكون ذلك بداعي التقرّب إليه تعالى إن كان العمل الموكّل فيه قربيّاً. ولا يقدح الفصل بين ما يصدر من الموكّل من التسبيب المزبور وما يقع من الوكيل من الإيتاء أو الإيصال بعد أن كان الإتيان المتأخّر مستنداً إلى تسبيب الموكّل ومترتّباً عليه ومنسوباً إليه. إذن فلا وجه لاعتبار نيّته حين الدفع الصادر من الوكيل والوصول الحاصل للفقير.
ويعتضد ذلك بما ورد في جملة من الأخبار من جواز بعث الزكاة إلى الوكيل في بلد آخر ليوزّعها فيه على أربابها من دون أيّ تعرّض لحكم النيّة ، مع وضوح أنّ الغالب عدم علم الموكّل بزمان الإيصال ليتصدّى للنيّة آن ذاك ، فإنّ هذا خير دليل على إيكال أمرها إلى ما هو المتعارف من كفاية النيّة حال البعث والتسبيب ، أعني : زمان الدفع والتوكيل.
أضف إلى ذلك أنّ التوكيل في الإيصال لا ينفكّ عن العزل ، ومقتضى ذلك بعد ملاحظة ما سيأتي في المسألة الرابعة والثلاثين من مسائل الختام من كفاية النيّة حال العزل عن النيّة حال الدفع إلى المستحقّ هو كفاية نيّة الموكّل حال الدفع إلى الوكيل كما لا يخفى.