ولذا لو كان مستطيعاً قبل الإجارة جاز له إجارة نفسه للخدمة في الطريق ، بل لو آجر نفسه لنفس المشي معه بحيث يكون العمل المستأجر عليه نفس المشي صح أيضاً ولا يضر بحجه. نعم ، لو آجر نفسه لحج بلدي لم يجز له أن يؤجر نفسه (*) لنفس المشي كإجارته لزيارة بلدية أيضاً ، أما لو آجر للخدمة في الطريق فلا بأس وإن كان مشيه للمستأجر الأوّل ، فالممنوع وقوع الإجارة على نفس ما وجب عليه أصلاً أو بالإجارة.
______________________________________________________
وقد يشكل بأن ظاهر الآية الشريفة وجوب السفر وجوباً نفسياً ، فإن المراد بحج البيت هو الذهاب إليه والسعي نحوه ، فيكون وجوبه كسائر أفعال الحجّ وأعماله ، فلا يجوز أخذ الأُجرة عليه وتكون الإجارة فاسدة.
وفيه أوّلاً : أن المستفاد من الآية الشريفة مطلوبية نفس أعمال الحجّ والمناسك لا السفر بنفسه ولذا لا يجب السفر عليه من خصوص بلده ، ولو كان السفر بنفسه واجباً لزم عدم كفاية السفر من بلد آخر إذا استطاع منه في بلده وهذا مقطوع البطلان ، وكذا لا ريب في إجزاء الحجّ وسقوطه إذا استطاع في بلده أو مكان آخر وقصد الحجّ من الميقات ، وذلك يكشف عن عدم وجوب السفر بنفسه وعن عدم دخوله في أفعال الحجّ.
وثانياً : أنّ ذلك يستفاد من بعض النصوص كصحيحة معاوية بن عمار : «الرجل يمر مجتازاً يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكّة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحجّ فيخرج معهم إلى المشاهد ، أيجزئه ذلك عن حجّة الإسلام؟ قال : نعم» (١).
وثالثاً : لو تنزلنا عما تقدم فقد ذكرنا في محله أن وجوب المشي لا ينافي أخذ الأُجرة عليه إذا كان الواجب توصّليّاً ، والسفر لو سلّم وجوبه فهو واجب توصّلي ، بل
__________________
(*) لكن لو آجر نفسه لخصوصية المشي كالمشي معه فلا بأس.
(١) الوسائل ١١ : ٥٨ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٢ ح ٢.