وإن حجّ مع عدم الاستطاعة المالية فالظاهر مسلمية عدم الإجزاء ولا دليل عليه إلّا الإجماع (*) ، وإلّا فالظاهر أنّ حجّة الإسلام هو الحجّ الأوّل ، وإذا أتى به كفى (**) ولو كان ندباً ، كما إذا أتى الصبي صلاة الظهر مستحبّاً بناءً على شرعية عباداته فبلغ في أثناء الوقت فإن الأقوى عدم وجوب إعادتها ودعوى أنّ المستحب لا يجزئ عن الواجب ممنوعة بعد اتحاد ماهية الواجب والمستحب. نعم
______________________________________________________
أُعتق العبد عليه حجّة الإسلام ، نعم ورد في خصوص العبد أنه إذا انعتق قبل أحد الموقفين يجزئ حجّه عن حجّ الإسلام ، ولم يرد في الصبي نص إذا بلغ قبل أحد الموقفين ، ومقتضى إطلاق الأدلّة عدم إجزاء حجّه حتى إذا بلغ قبل أحدهما.
الثانية : لو حجّ متسكِّعاً ومع عدم الاستطاعة المالية ثمّ استطاع ، ذكر (قدس سره) أنّ الظاهر مسلّميّة عدم الإجزاء ، ولا دليل عليه إلّا الإجماع وإلّا فمقتضى القاعدة هو الإجزاء ، لأنّ الحجّ طبيعة واحدة ولا اختلاف في حقيقته غاية الأمر قد تجب وقد تستحب ، فالاختلاف في الأمر المتعلق به لا في المأمور به ، فإذا وجدت الطبيعة لا معنى لإتيانها ثانياً ، وحال الحجّ حال الصلاة الصادرة من الصبي إذا بلغ في أثناء الوقت فإنه لا يجب عليه إتيان الصلاة مرّة ثانية لحصول الطبيعة المأمور بها منه ، غاية الأمر في حال عدم التكليف ، وليس الأمر من باب إجزاء المستحب عن الواجب حتى يقال بأنه لا دليل عليه.
والحاصل : أن ماهية الواجب والمستحب متحدة فإذا أتى بها فقد امتثل هذه الطبيعة في الخارج ولا مجال لإتيانها ثانياً. نعم ، لو ثبت تعدد ماهية حجّ المتسكِّع والمستطيع وكان الحجّ ماهيتين وطبيعتين مختلفتين نظير صلاة الظهر والعصر أو الأداء
__________________
(*) بل الدليل عليه إطلاق الآية والروايات فإن الحجّ في كل سنة له أمر يغاير الأمر به في السنة الأُخرى ، وهذا بخلاف الصلاة في وقت واحد فإنها طبيعة واحدة غاية الأمر أن الأمر بها قد يكون وجوبياً وقد يكون ندبياً.
(**) الكفاية إنما هي بالنسبة إلى الأمر الاستحبابي ، ولا دليل على كفايته بالنسبة إلى الأمر الوجوبي.