.................................................................................................
______________________________________________________
الشيخ الكبير الذي لم يحجّ.
ثمّ إنه بعد الفراغ عن لزوم الاستنابة مطلقاً أو في خصوص من استقر عليه الحجّ يلزم كون النائب صرورة كما في صحيح الحلبي إن لم يكن إجماع على الخلاف ، بل يلزم أن يكون رجلاً كما في رواية الشيخ الكبير ، ولذا ذكرنا في المناسك (١) أن الأحوط لزوماً استنابة الرجل الصرورة إذا كان المنوب عنه رجلاً حياً كما في الروايات.
الأمر الثاني : هل يختص وجوب الاستنابة باليأس عن زوال العذر أو يعم الراجي للزوال أيضاً؟ فيه خلاف ، المشهور الاختصاص باليأس ، بل ربما ادعي الإجماع على عدم الوجوب مع رجاء الزوال ، وذكر السيّد في المتن أن المنساق من بعض الروايات اعتبار اليأس من زوال العذر.
أقول : لم يرد في شيء من الروايات اليأس أو رجاء الزوال ، بل المذكور فيها عدم التمكّن وعدم الطاقة والحيلولة بينه وبين الحجّ بمرض ونحوه ، والظاهر أن المأخوذ في وجوب الاستنابة عدم الطاقة وعدم الاستطاعة واقعاً كما في الروايات الواردة في الشيخ الكبير ، وأما صحيح الحلبي فإن أُريد بالحج المذكور فيه حجّ هذه السنة الذي حال بينه وبين الحجّ مرض أو حصر ، فمقتضاه وجوب الاستنابة في هذه السنة حتى مع العلم بزوال العذر في السنة الآتية وهذا مقطوع الخلاف ، إذ لا نحتمل وجوب الاستنابة عليه في هذه السنة وعدم إتيان الحجّ بنفسه في السنة الآتية عند زوال العذر ، فالمراد بالحج المذكور في صحيح الحلبي الذي حال المرض بينه وبين الحجّ هو مطلق الحجّ من دون أن يختص بسنة دون أُخرى ، فإن الواجب هو الطبيعي والفورية واجب آخر ، ومفاد صحيح الحلبي مفاد الرواية الواردة في الشيخ الكبير الذي لم يطق الحجّ ومضمونهما واحد ، فموضوع وجوب الاستنابة عدم التمكن من المباشرة واقعاً وأما اليأس من زوال العذر فهو طريق عقلائي إلى عدم التمكن من إتيانه واقعاً ، كما أنه تجوز له الاستنابة في فرض رجاء الزوال لاستصحاب بقاء العذر ، ولكن ذلك حكم
__________________
(١) في ص ٥٠ / ١٠٨.