ونحوه خبر آخر ، لكنّهما موهونان بإعراض الأصحاب ، مع أنهما في خصوص الزكاة (*) ، وربما يحتمل تقديم دين الناس لأهميّته ، والأقوى ما ذكر من التحصيص ، وحينئذ فإن وفت حصّة الحجّ به (**) فهو ، وإلّا فإن لم تف إلّا ببعض الأفعال كالطواف فقط أو هو مع السعي فالظاهر سقوطه وصرف حصته في الدّين أو الخمس أو الزكاة ، ومع وجود الجميع توزع عليها ، وإن وفت بالحج فقط أو العمرة فقط ففي مثل حجّ القرآن والإفراد تصرف فيهما مخيراً بينهما (١)
______________________________________________________
ثمّ إن مورد الصحيحين وإن كان هو الزكاة ولكن الظاهر عدم الفرق بينها وبين الخمس ، لأن الخمس بدل الزكاة وهو من هذه الجهة محكوم بحكم الزكاة ، مضافاً إلى أن الزكاة أهم من الخمس ، فلو كان الحجّ مقدماً على الزكاة يقدم على الخمس بطريق أولى.
وأما تقديم الحجّ على الدّين الشخصي فيدل عليه صحيح بريد العجلي المتقدم : «عن رجل خرج حاجّاً ومعه جمل له ونفقة وزاد فمات في الطريق ، قال : إن كان صرورة ثمّ مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجّة الإسلام ، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجّة الإسلام ، فإن فضل من ذلك شيء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين» (١) ودلالته صريحة في تقديم الحجّ على الدّين.
(١) بعد ما عرفت أنّ الحج كالدّين ، فإن كانت التركة وافية للحج والعمرة فلا كلام وإن لم تفِ إلّا لأحدهما فقط فهل يقدم الحجّ أم لا؟ يقع الكلام تارة في حجّ الإفراد والقران وأُخرى في التمتع.
أمّا الأوّل فهل يتخيّر بين الحجّ والعمرة لوجوب كل واحد عليه مستقلا أو يقدّم الحجّ لأهميّته؟ وجهان والظاهر هو التخيير ، لعدم ثبوت أهميّة الحجّ على العمرة
__________________
(*) لكن صحيحة بريد العجلي عامة لمطلق الدّين.
(**) لا يمكن ذلك في مفروض المسألة.
(١) الوسائل ١١ : ٦٨ / أبواب وجوب الحجّ ٢٦ ح ٢.