.................................................................................................
______________________________________________________
لأنّ كل واحد منهما فريضة من فرائض الله تعالى ، ولا منشأ لأهميّة الحجّ على العمرة وعلى فرض تسليم الأهميّة فإنما هي فيما إذا كان المكلف بنفسه مباشراً ولا يتمكّن من الجمع بينهما فيقدم مقطوع الأهميّة أو محتملها ، والمفروض في المقام أن المكلف مات ولم يباشر العمل بنفسه وإنما استقرّ عليه الحجّ والعمرة معاً واشتغلت ذمّته بفريضتين من فرائض الله ، وكون أحدهما في نفسه أهم من الآخر لا يؤثر في اشتغال الذمّة بالأهم ، وقد نظّر (دام ظله) المقام بمن كان مديناً لمؤمن ولكافر ذمِّي وفرضنا أنه لا يتمكن من أدائهما ، وكون أحدهما مؤمناً والآخر كافراً لا يؤثر في تقديم أحدهما من جهة الاشتغال وتفريغ الذمّة.
وأمّا الثاني وهو حجّ التمتع ، فإن كان المال لا يفي إلّا لأحدهما من العمرة أو الحجّ فهل يجري ما تقدّم في حجّ الإفراد من التخيير أو يتعيّن صرف المال في الحجّ الأفرادي لأهميّة الحجّ أو لا يصرف في شيء منهما؟ وجوه :
أمّا احتمال التخيير فضعيف جدّاً ، لعدم جريانه في خصوص حجّ التمتع لارتباطه بالعمرة ولا يصحّ بدونها ، وأما عدم الصرف في شيء منهما فلتعذر قضاء ما وجب عليه فيعطى المال لورثته ، وذكر بعضهم أن الحجّ يتقدم فيأتي بحجّ الإفراد بدلاً عن حجّ التمتع بدعوى إمكان استفادته من الرواية الآتية.
أقول : نتكلّم تارة فيما تقتضيه القاعدة وأُخرى فيما يقتضيه النص.
أمّا الأوّل : فمقتضى القاعدة عدم وجوب صرف المال في شيء منهما ، لأنّ حجّ التمتع عمل واحد ارتباطي وإن كان الإحلال متوسطاً في البين. وبعبارة اخرى : الواجب إنما هو صرف المال في حجّ الإسلام وهو مركب من أمرين : أحدهما يرتبط بالآخر ، ولا وجه لصرف المال في أحدهما ، ولا مجال لجريان قاعدة الميسور في الأُمور الارتباطية فلا بدّ من إيصال المال إلى الورثة.
وأمّا الآخر فقد يقال : إن المستفاد من النص وجوب صرف المال في الحجّ لما روي عن علي بن مزيد (فرقد) صاحب السابري قال : «أوصى إليّ رجل بتركته فأمرني أن