أهمل واستمرت الاستطاعة إلى العام القابل وجب حجّة الإسلام أيضاً ، ولا وجه له. نعم ، لو قيد نذره بسنة معيّنة وحصل فيها الاستطاعة فلم يفِ به وبقيت استطاعته إلى العام المتأخر أمكن أن يقال بوجوب حجّة الإسلام أيضاً لأنّ حجّه النذري صار قضاء موسعاً ، ففرق بين الإهمال مع الفورية والإهمال مع التوقيت بناء على تقديم حجّة الإسلام مع كون النذر موسعاً (١).
______________________________________________________
(١) حاصل ما ذكره في هذه المسألة أنه لو نذر في حال عدم الاستطاعة فورياً كهذه السنة مثلاً ثمّ استطاع وأهمل عن وفاء النذر في عامه ولم يأتِ به في هذه السنة وجب الإتيان به في السنة اللّاحقة مقدّماً على حجّة الإسلام وإن بقيت الاستطاعة إلى السنة اللّاحقة ، وذلك لأنّ النذر مانع شرعاً عن تحقق الاستطاعة الشرعية ، فإن النذر كما يكون مانعاً عن حجّ الإسلام مقدّماً عليه في نفس السنة السابقة هكذا يكون مقدّماً عليه في السنة اللّاحقة بنفس الملاك الذي أوجب تقديمه على حجّ الإسلام في السنة السابقة ، وإنما يجب عليه حجّ الإسلام بعد الفراغ من النذر.
ونسب إلى الدروس الخلاف ، وأنه فصّل بين السنة الأُولى واللّاحقة ، ففي السنة الأُولى يقدّم النذر على حجّة الإسلام ، ولو أهمل ولم يأتِ بالنذر في السنة السابقة ففي السنة الثانية يقدّم حجّ الإسلام على النذر (١). وأورد عليه بأنه لا وجه له ، لأنّ السنة الثانية كالأُولى من دون فرق بينهما لاشتراك الملاك بينهما ، فلو قلنا بأن النذر يزاحم حجّ الإسلام ويقدّم عليه فلا فرق بين السنة الأُولى والثانية ، فالتفصيل لا وجه له.
ثمّ ذكر المصنف أنه لو قيّده بسنة معيّنة وحصل فيها الاستطاعة ولكنه أهمل وترك الحجّ وبقيت الاستطاعة إلى العام المتأخر ، أمكن أن يقال بتقديم حجّ الإسلام ، لأنّ الحجّ النذري صار قضاء موسعاً وحجّ الإسلام مضيق والواجب المضيق يقدّم على الموسع.
__________________
(١) الدروس ١ : ٣١٨.