.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه : أن ما ذكره لا يتم فيما إذا لم يكن واثقاً بأداء الدّين بعد أعمال الحجّ ، لأن أداء الدّين واجب ، ويجب عليه حفظ القدرة لأدائه ، فإن الدّين وإن كان مؤجلاً لكن ليس له تفويت المال بحيث لا يتمكن من الأداء ، بل عليه التحفّظ على قدرته ، فيقع التزاحم في هذه الصورة بين وجوب حفظ القدرة لأداء الدّين ووجوب الحجّ ، فمجرد التأجيل لا يكفي لعدم التزاحم. فكلامه (عليه الرحمة) على إطلاقه غير تام ، بل يقيّد بالوثوق بالأداء بعد الحجّ ، بمعنى أنه لو وثق بالأداء بعد الحجّ يتقدم الحجّ ، وإلّا يقع التزاحم.
واختار المصنف (قدس سره) وجهاً آخر وهو : أن أداء الدّين إذا كان واجباً عليه بالفعل كالحالّ ، أو كان الدّين مؤجلاً لا يثق بالأداء بعد الحجّ ، فيسقط الحجّ لعدم صدق الاستطاعة ، وأما إذا كان مؤجلاً يتمكن من الأداء بعد الحجّ ، أو كان حالّا وأذن له بالتأخير ، يجب الحجّ لصدق الاستطاعة.
وما ذكره هو الصحيح لا لما ذكره من صدق الاستطاعة وعدمه ، فإنّ الاستطاعة فُسرت في النصوص بالتمكّن من الزاد والراحلة وتخلية السرب ، وهي قدرة خاصة والمفروض في المقام تحققها حتى في صورة الدّين الحالّ المطالَب ، فإن الدّين بنفسه لا يكون مانعاً من تحقق الاستطاعة المفسرة في الروايات ، بل لأن الإطلاقات الدالة على وجوب الحجّ تشمل المقام ، فيقع التزاحم بين وجوب الحجّ ووجوب أداء الدّين لأن المفروض أنه لا يمكن الجمع بين امتثال الحكمين ، فلا بدّ من التخيير أو الترجيح. ولكن المتعين سقوط الحجّ وتقديم أداء الدّين ، ولا مجال للتخيير فيما إذا كان الدّين حالّا مطالباً به ، أو مؤجلاً مع عدم الوثوق بالأداء بعد الحجّ ، وذلك للجزم بأهميّة الدّين ، فإن الخروج عن عهدة حقوق الناس أهم من حق الله تعالى ، بل لو كان محتمل الأهميّة لتقدم ، لأن محتمل الأهميّة من جملة المرجحات في باب التزاحم.
والحاصل : أنّ الاستطاعة بالمعنى المفسر في النصوص في المقام متحققة ، ولكن الدّين لأهميّته معجّز ومانع عن صرف المال في الحجّ ، لا أنه غير مستطيع كما ذكر في المتن ، والحجّ وإن كان من مباني الإسلام ومن الواجبات المهمّة ، لكنّه كذلك بالنسبة