الرضا بالتأخير من الدائن ، والأخبار الدالّة على جواز الحجّ لمن عليه دين لا تنفع في الوجوب وفي كونه حجّة الإسلام. وأما صحيح معاوية بن عمّار عن الصادق (عليه السلام) «عن رجل عليه دين ، أعليه أن يحج؟ قال : نعم ، إن حجّة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين». وخبر عبد الرحمن عنه (عليه السلام) أنه قال : «الحجّ واجب على الرجل وإن كان عليه دين» فمحمولان على الصورة
______________________________________________________
فتلخص من جميع ما ذكرنا : أن الدّين بنفسه لا يكون مانعاً عن الحجّ ، وإذا كان عنده مال يفي بنفقات الحجّ وكان عليه دين ، ولم يكن صرف المال في الحجّ منافياً لأداء الدّين ، وجب عليه الحجّ ، وإلّا فيقدم الدّين لأهميّته. وأما إذا مات وعليه الدّين وحجّة الإسلام يتقدم الحجّ للنص.
ثمّ إن الفارق بين ما ذكرنا وما ذكره المصنف (قدس سره) بعد اشتراكنا معه في تقديم الدّين فيما إذا كان صرف المال في الحجّ منافياً لأداء الدّين ، لعدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة كما ذهب إليه المصنف ، أو للتزاحم وتقديم الدّين لكونه أهم كما هو المختار هو عدم سقوط حجّ الإسلام عنه لو عصى ولم يؤد الدّين وحجّ لأنه غير مستطيع على مختاره ، وسقوطه عنه بناء على التزاحم ، لأنّه مستطيع على الفرض غاية الأمر يجب عليه صرف المال في الدّين ، فلو عصى وحجّ بالمال صحّ حجّه على القول بالترتب.
وأمّا ما ذكره جماعة من أن الحجّ مشروط بالقدرة الشرعية فيزاحمه أيّ واجب كان ، ويسقط الحجّ حينئذ ، ففيه : ما عرفت ، من أن المعتبر في الحجّ حسب النصوص هو التمكن من الزاد والراحلة وتخلية السرب ، والزائد على ذلك غير معتبر في الحجّ فإذا زاحمه واجب آخر لا يرتفع موضوع الاستطاعة ، بل لا بدّ من إعمال قاعدة التزاحم من التخيير إذا فرض كون الحجّ والواجب الآخر متساويين أو التعيين إذا كان أحدهما أهم ، فما ذكره المصنف من أن الدّين مانع ورافع لموضوع الاستطاعة لا أساس له.