الميسور بدعوى أن الفصل إذا تعذّر يبقى الجنس ، لأنّها قاعدة شرعيّة وإنّما تجري في الأحكام الشرعيّة المجعولة للشارع ولا مسرح لها في مجعولات الناس كما أشرنا إليه سابقاً ، مع أن الجنس لا يعدّ ميسوراً للنوع فمحلها المركبات الخارجية إذا تعذّر بعض أجزائها ولو كانت ارتباطية ، بل لأنّ الظاهر من حال الموصي في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه وإنّما عيّن عملاً خاصّاً لكونه أنفع في نظره من غيره فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه تعدّد المطلوب وإن لم يكن متذكراً لذلك حين الوصية نعم لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللُّب أيضاً يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة ، ولا فرق في الصورتين بين كون التعذّر طارئاً أو من الأوّل ويؤيد ما ذكرنا ما ورد من الأخبار في نظائر المقام ، بل يدل عليه خبر علي بن سويد (*) عن الصادق (عليه السلام) قال : «قلت : مات رجل فأوصى بتركته أن أحج بها
______________________________________________________
مطلق وجوه البر ، أو يفصّل بين المتعذر من الأوّل والطارئ ففي الأوّل ترجع ميراثاً وفي الثاني تصرف في وجوه البر؟ وجوه.
والذي ينبغي أن يقال : إن الميت قد يعين الثّلث أوّلاً ثمّ يخرج منه الحج والصلاة والصوم ونحوها كما إذا قال : أخرجوا من ثلثي الحج والصلاة ونحوهما من وجوه البر ففي مثل ذلك لا ينبغي الشك في أنه لا موجب لرجوع المال إلى الورثة لعدم المقتضي وهكذا لو كان التعذر لأسباب أُخر كما لو أوصى من ثلثه تعمير مسجد وفرضنا أن المسجد وقع في الشارع ولم يمكن عمارته ، أو أوصى للمواكب الحسينية ومنعت ونحو ذلك ، ففي جميع هذه الموارد لا مقتضي لرجوع المال الذي عينه للصرف في جهة إلى الوارث لبقاء الثّلث على ملك الميت ، غاية الأمر تعذر صرفه في الموارد التي عينها فلا بدّ من صرفه في جهاته ، فإنه بتعيينه الثّلث لنفسه قد جعل الورثة محرومين عنه فلا يرجع إليهم ، ولا فرق بين أن يكون التعذّر من الأوّل أو أنه يطرأ بعد ذلك.
__________________
(*) الرواية عن علي بن مزيد لا عن علي بن سويد ، وهي ضعيفة لا تصلح للاستدلال بها ، وتكفي القاعدة للحكم المذكور بعد ظهور حال الموصي كما ذكر.