.................................................................................................
______________________________________________________
وإن كان لا يبعد القول بإجراء حكم الخارج عليه فيجب عليه التمتّع ، لأنّ غيره معلق على عنوان الحاضر وهو مشكوك ، فيكون المقام نظير ما لو شكّ في أن المسافة ثمانية فراسخ أو لا ، فإنه يصلي تماماً لأنّ القصر معلق على السفر وهو مشكوك.
أقول : ما ذكره أخيراً من وجوب التمتّع عليه وعدم وجوب الفحص هو الصحيح لإحراز موضوع التمتّع وهو عدم كونه حاضراً ، بالأصل ولو بالعدم الأزلي بناءً على ما اخترناه في محلّه (١) من إمكان جريان الأصل في الأعدام الأزلية ، لأنّ كل شيء مسبوق بالعدم ولو أزلاً فلا مانع حينئذ من إجراء أصل العدم ، نظير أصالة عدم القرشية التي تثبت عدم كون المرأة متصفة بالقرشية وإن لم تثبت الانتساب إلى غير قريش ، وتفصيل الكلام موكول إلى محله ، وعليه فلا موجب للفحص ، لإحراز الموضوع بالأصل ، على أنه لا دليل على الفحص في الشبهات الموضوعية.
هذا مع أنه يمكن إحراز الموضوع بالأصل النعتي وتقريبه : أن صفة الحضور والوطنية للشخص قد تتحقّق باتخاذ نفسه بلداً وطناً له ، وقد تتحقّق بمرور زمان على سكناه في بلد كما إذا سكن فيه مدّة خمسين سنة فإن البلد يكون وطناً له قهراً ، وقد تتحقق باتخاذ متبوعه التوطن في البلد الفلاني كوالده أو جدّه أو مولاه ، فليست الوطنية من الصفات الذاتيّة كالقرشية وإنما هي من الصفات العرضية ، بمعنى أن الشيء يوجد أوّلاً ثمّ يعرض عليه صفة الوطنية ، وهذا بخلاف القرشية فإن الشخص يوجد أوّلاً أما قرشياً أو غير قرشي وليست عارضة بالمعنى المتقدّم ، فالوطنية تنشأ إما باختيار نفسه أو باختيار متبوعه وتكون من الصفات العارضة المسبوقة بالعدم فنقول : إن الحد المتقدّم لم يكن وطناً له باتخاذ نفسه ولا بتبع أبيه أو مولاه في زمان والآن كذلك ، فلا موجب للفحص بعد إحراز الموضوع بأصل العدم الأزلي أو النعتي نعم لو فرضنا عدم جريان الأصل أصلاً يجب الفحص للعلم الإجمالي ، فإن تبيّن الأمر وتعينت الوظيفة فهو وإلّا فالاحتياط.
وقد وقع الكلام في المقام في إمكان الاحتياط ، وربّما قيل بعدم إمكانه لأنّ
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٢٠٧.