[٣٢٠٥] مسألة ٢ : من كان من أهل مكّة وخرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها فالمشهور جواز حج التمتّع له وكونه مخيراً بين الوظيفتين (١) واستدلوا بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) : «عن رجل من أهل مكّة يخرج إلى بعض الأمصار ثمّ يرجع إلى مكّة فيمرّ ببعض المواقيت إله
______________________________________________________
ويستدل له بأنّ أدلّة تعيين قسم خاص من الحج لا تشمل مثل هذا الشخص ومنصرفة عنه من جهة عدم استقراره في بلد خاص فيشمله حينئذ إطلاق ما دلّ على وجوب الحج ونتيجته التخيير ، إلّا أنه لو تمّ ذلك لكان مقتضاه التخيير مطلقاً من دون فرق بين حصول الاستطاعة في البلدين أو في أحدهما ، فلو كان له منزل في العراق مثلاً وآخر بمكّة واستطاع فيها يجوز له التمتّع وكذلك العكس ، فلا يبتني التخيير على الاستطاعة في البلدين ، هذا.
ولكن الالتزام بالتخيير لا يخلو من إشكال بل منع ، وذلك لأنّ مقتضى الأدلّة وجوب التمتّع على من لم يكن حاضر المسجد ولم يكن من أهالي مكّة ووجوب الإفراد والقران على من كان حاضراً وكان من أهالي مكّة ، فموضوع أحد الواجبين إيجابي وموضوع الآخر سلبي ، ولا يمكن التخيير في مثل ذلك.
نعم ، إذا كان موضوع كل واحد منهما إيجابياً وكان المورد مجمعاً بين العنوانين لأمكن التخيير بينهما ، بخلاف ما إذا كان موضوع أحدهما سلبياً وموضوع الآخر إيجابياً فحينئذ لا يمكن الجمع بينهما فلا مورد للتخيير بين الأمرين ، والمفروض أن موضوع حج التمتّع من لم يكن حاضراً وهو العنوان السلبي وموضوع الإفراد من كان حاضراً وهو العنوان الإيجابي ، وكل من الدليلين مطلق من حيث اتخاذ وطن آخر أم لا ، فمن كان من أهالي مكّة وصدق عليه الحاضر لا يصدق عليه العنوان السلبي لاستحالة الجمع بين النقيضين فلا يتحقق موضوع حج التمتّع ، وحيث يصدق عليه العنوان الإيجابي وهو الحضور يتعين عليه القرآن أو الإفراد ، ولا أقل من أن الإتيان بالإفراد أو القرآن بالنسبة إليه أحوط.
(١) من كان من أهل مكّة وبعد عنها ثمّ أراد الحج فهل يحج متعة أو إفراداً؟