ولازم ذلك أنه إذا كانت عمرته في آخر شهر من هذه الشهور فخرج ودخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة والأولى مراعاة الاحتياط من هذه الجهة أيضاً. وظهر ممّا ذكرنا أن الاحتمالات ستّة : كون المدار على الإهلال أو الإحلال أو الخروج ، وعلى التقادير فالشهر إمّا بمعنى ثلاثين يوماً أو أحد الأشهر المعروفة (١).
______________________________________________________
إهلاله وإحرامه للعمرة يرجع محرماً ثانياً وإن كان الزمان بالنسبة إلى إحلاله وفراغه من الأعمال أقل من شهر ، إذ قد يحرم للعمرة ويبقى محرماً ولا يحل إلّا بعد يوم أو يومين أو أكثر.
أقول : ما ذكره وإن كان أحوط ولكن الظاهر من معتبرة إسحاق ابن عمّار (١) كون العبرة في مبدأ الشهر بالإحلال والفراغ من العمرة ، لقوله (عليه السلام) : «يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع فيه ، وكلمة «تمتع» فعل ماضي ظاهره التحقّق والفراغ في قبال فعل الاستقبال ، فالمراد بالشهر الذي تمتّع فيه هو الشهر الذي فرغ من عمرته ، وأمّا إذا أهلّ بالعمرة ولم يفرغ منها فلا يصدق عليه انه تمتّع بل هو مشغول بأداء أعمال العمرة ، كما استظهرنا ذلك في سائر الموارد كقولنا : صلّى أو صام وغير ذلك.
(١) لا ريب في أن المتفاهم من إطلاق الشهر هو ما بين الهلالين لا مقدار ثلاثين يوماً ، وهو الذي صرّح به اللغويون ، إلّا إذا قامت قرينة على إرادة مقدار ثلاثين يوماً ، كما في أشهر العدّة فإن المراد بها مقدارها لا ما بين الهلالين ، لأنّ فرض موت الأزواج في رأس الشهر نادر بل يقع الموت غالباً في أثناء الشهر فطبعاً يراد بأربعة أشهر وعشراً مقدارها ، ولذا لا ريب في كفاية التلفيق.
هذا مضافاً إلى ما يستفاد من معتبرة إسحاق بن عمّار ، قال «قال أبو عبد الله (عليه السلام) : السنة اثنا عشر شهراً يعتمر لكل شهر عمرة» (٢) فإنها صريحة في أن العبرة
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٠٣ / أبواب أقسام الحج ب ٢٢ ح ٨.
(٢) الوسائل ١٤ : ٣٠٩ / أبواب العمرة ب ٦ ح ٩.