وأيضاً الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع البعيدة ، فلا بأس بالخروج (*) إلى فرسخ أو فرسخين ، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج إلى خارج الحرم ، وإن كان الأحوط خلافه (١).
______________________________________________________
ويظهر من بعضهم جواز الخروج وترك الإحرام لمجرّد الحاجة ، واستدلّ بمصحح إسحاق المتقدّم (١) ، فإنّ المفروض فيه أنه خرج محلا بقرينة قوله : «يرجع إلى مكّة بعمرة» ، فإنّ موضوع السؤال أنّه خرج من مكّة لمجرّد الحاجة وفرض أنّه خرج بلا إحرام ، فيعلم من ذلك جواز الخروج بلا إحرام لمجرّد الحاجة.
وفيه : أنّ السؤال في مصحح إسحاق لم يكن عن جواز الخروج وعدمه وإنّما السؤال عن حكم الخارج وأنّه إذا خرج ماذا يصنع ، فالمتبع حينئذ إنما هو صحيح حفص المتقدّم الدال على وجوب الإحرام عند الحاجة ، ونحوه صحيح حماد.
فتحصل : أنّ مطلق الحاجة يكفي في جواز الخروج ولكن لا يكفي في ترك الإحرام وإنما يجوز ترك الإحرام عند الخروج حال الضرورة أو الحرج.
(١) وقع الكلام في أن الممنوع من الخروج هل هو مختص بالخروج إلى الأماكن البعيدة ، فلا بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين ، أو أن الممنوع هو الخروج إلى خارج الحرم ، فالخروج إلى ما دون الحرم سائغ كما عن بعضهم.
اختار الماتن (قدس سره) الأوّل ، وذكر شيخنا الأُستاذ النائيني (قدس سره) في تعليقته على العروة وكذا في مناسكه أن الممنوع هو الخروج إلى المسافة الشرعية لا ما دونها (٢) ، لكون مقدار الحرم مختلفاً من جهاته فلا يصحّ التقدير به ولا يطرد في جميع جوانبه.
__________________
(*) بل الظاهر عدم جواز الخروج عن مكّة مطلقا.
(١) في ص ٢١٣.
(٢) دليل الناسك : ١٢١.