ثمّ الظاهر أنه لا فرق في المسألة بين الحج الواجب والمستحب فلو نوى التمتّع مستحبّاً ثمّ أتى بعمرته يكون مرتهناً بالحج ويكون حاله في الخروج محرماً أو محلّاً والدخول كذلك كالحج الواجب (١).
______________________________________________________
والظاهر أن التحديد بالمسافة أو بالحرم لا دليل عليه أصلاً ، فإن الموضوع في النص هو الخروج من مكّة. نعم ، لو كان المذكور في النص مجرّد الخروج فقط أمكن القول بأن المراد به السفر إلى المسافة الشرعية كما ورد في بعض روايات صلاة المسافر من قوله : «فليس لك أن تقصّر حتى تخرج منها» (١) ، لإمكان حمله على المسافة الشرعية ، ولكن الموجود في نصوص المقام الخروج من مكّة كما في صحيحتين لزرارة (٢) ، وهذا العنوان يصدق بالخروج عن مكّة وإن لم يبلغ المسافة أو حد الحرم فالعبرة بصدق الخروج من مكّة وعدمه.
على أن التحديد بالمسافة يختلف أيضاً فلا يصح التحديد والتقدير بها ، وذلك لأنّ المسافر إذا كان عازماً على العود يكفي السير بمقدار أربعة فراسخ ذهاباً في الحكم بالقصر ، لأنّ مجموع ذهابه وإيابه يبلغ حدّ المسافة ، بخلاف ما إذا لم يكن عازماً على العود أو كان بانياً على الإقامة عشرة أيّام فلا يكفي السير بمقدار أربعة فراسخ فيختلف الحكم حسب اختلاف المكلفين.
وأمّا التقدير بحدود الحرم فلا دليل عليه أيضاً ، بل مقتضى النصوص أن من خرج من حدود الحرم يجب عليه أن يذهب إلى الميقات ويحرم منه إن أمكن وإلّا فيحرم من مكانه ، بل هذا الحكم لا يختص بمن خرج من الحرم ويشمل كل من خرج من مكّة لإطلاق الروايات ، فالميزان هو الخروج من مكّة سواء خرج من الحرم أم لا وسواء بلغ حدّ المسافة الشرعيّة أم لا.
(١) الأمر كما ذكره بالنسبة إلى حكم الخروج ، لإطلاق الأدلّة وعدم الفرق بين
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٥٠٨ / أبواب صلاة المسافر ب ١٨ ح ١.
(٢) الوسائل ١١ : ٣٠١ / أبواب أقسام الحج ب ٢٢ ح ١ ، ٥.